للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين خافوه واتقوه، ولهذا المعنى عدها سبحانه من جملة آلائه عَلَى الثقلين في سورة الرحمن. وقال سفيان بن عيينة: «خُلِقَتِ النَّارُ رَحِمةً يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ لِيَنْتَهُوا» أخرجه أبو نعيم (١) ا. هـ (٢)

[سعة النار]

خَلَقَ اللهُ النارَ، وهي دارٌ شاسعةٌ واسعةٌ بعيدٌ قَعْرُها متراميةٌ أطرافُها، يقول الله -جل وعلا- مبيِّنًا ما هي عليه: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)} [ق].

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، إِذْ سَمِعَ وَجْبَةً-يعني صوت سقوط شيء-فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «تَدْرُونَ مَا هَذَا؟» قَالَ: قُلْنَا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «هَذَا حَجَرٌ رُمِيَ بِهِ فِي النَّارِ مُنْذُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، فَهُوَ يَهْوِي فِي النَّارِ الْآنَ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَعْرِهَا» (٣).

ولهذا قال العلماء: بعيدٌ قعرُها. وجاء أيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لَوْ أَنَّ حَجَرًا مِثْلَ سَبْعِ خَلِفَاتٍ أُلْقِيَ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ هَوَى فِيهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا لَا يَبْلُغُ قَعْرَهَا» (٤).

وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ، يَنْزِلُ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ [وَالْمَغْرِبِ]» (٥) وفي رواية للبخاري: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَاتٍ، وَإِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ، لَا يُلْقِي لَهَا بَالًا، يَهْوِي بِهَا فِي جَهَنَّمَ» (٦)


(١) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء لأبي نعيم (٧/ ٢٧٥)، وأخرجه ابن أبي الدنيا في صفة النار (١٤١).
(٢) التخويف من النار (ص ٥٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٤٤).
(٤) أخرجه هناد ابن السري في الزهد (٢٥٢)، وابن أبي شيبة (٧/ ٥٢) رقم (٣٤١٤٧) وأبو يعلى (٤١٠٣) وابن أبي الدنيا في صفة النار (١٤) والبيهقي في البعث والنشور (٤٨٤) من حديث يزيد الرقاشي عن أنس -رضي الله عنه-. ويزيد ضعيف. لكن للحديث شواهد يحسن بها فانظر: السلسلة الصحيحة (٤/ ١٤٦).
(٥) أخرجه البخاري (٦٤٧٧) ومسلم (٢٩٨٨) ومنه الزيادة.
(٦) أخرجه البخاري (٦٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>