للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم وتوقيرا لعلمه فتضم أجنحتها له وتخفضها عن الطيران أو أن يراد به النزول عند مجالس العلم والذكر وترك الطيران. قاله الخطابي -رحمه الله-. (١)

وقال الحليمي -رحمه الله-: يحتمل أن يكون في الدنيا، ويحتمل في الآخرة، فإن كان في الدنيا فله وجهان: أحدهما أن يعطف عليه ويرحمه، … والآخر أن يكون المراد بوضع الأجنحة فرشها، … أي إن الملائكة إذا رأت طالب العلم فرشت له أجنحتها في رجليه وحملته عليها فمن هناك يسلم فلا يحفى إن كان ماشيًا، ولا يُعنَّى، ويقرب عليه الطريق البعيد، ولا يصيبه ما يصيب المسافرين من أنواع الضرر كالمرض وذهاب المال وضلال الطريق والحصر والله أعلم ا. هـ (٢)

وقال الحافظ أبو موسى المديني -رحمه الله-: وذَكَر أبو الحُسَيْن ابنُ فَارِس صاحِبُ "كِتابِ المُجْمَل" في أَمالِيه، عن عليِّ بنِ إبراهيم القَطَّان. قال: سَمِعتُ أَبا حَاتِم الرَّازِي يقول: سَمِعتُ ابنَ أَبِي أُوَيْس يقول: سَمِعتُ مالِكاً يَقولُ: مَعْنَى قَولِ رَسُول الله -صلى الله عليه وسلم- تَضَع، يَعنِي المَلائِكَةُ أَجْنِحَتَها، تَبسُطُها بالدُّعِاء لِطالِبِ العِلْم بَدَلاً من الأَيْدِي. (٣)

وقال ابن القيم -رحمه الله-: ووَضعُ الملائكة أجنحتها له تواضعًا وتوقيرًا وإكرامًا لما يحملُه من ميراث النبوَّة ويطلبُه، وهو يدلُّ على المحبة والتعظيم، … لأنه طالبٌ لما به حياةُ العالَم ونجاتُه، ففيه شبهٌ من الملائكة، وبينه وبينهم تناسُب، فإنَّ الملائكةَ أنصحُ خلق الله وأنفعُهم لبني آدم، وعلى أيديهم حصلَ لهم كلُّ سعادةٍ وعلمٍ وهدى. (٤)

[كتابة الملائكة لمن يحضر الجمعة]

وأخبر -عليه الصلاة والسلام- أنه «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ الْمَلَائِكَةُ يَكْتُبُونَ الأَوَّلَ فَالأَوَّلَ، فَإِذَا جَلَسَ الإِمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ، وَجَاؤُوا يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» (٥).


(١) «معالم السنن» (٤/ ٦١ و ١٨٣)، وانظر: «شرح السنة للبغوي» (١/ ٢٧٧) و «شرح المشكاة للطيبي» (٢/ ٦٧٣) «حاشية السندي على ابن ماجه» (١/ ٩٧)
(٢) «المنهاج في شعب الإيمان» (٢/ ١٩٣)، وانظر: تفسير القرطبي (سورة التوبة، آية: ١٢٢)
(٣) «المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث» (١/ ٣٦٣)
(٤) «مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة» (١/ ١٧١ ط عطاءات العلم)
(٥) البخاري (٣٢١١)، ومسلم (٨٥٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>