للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ-يَعْنِي العَبْدَ مِنَ النَّعِيمِ-أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَلَمْ نُصِحَّ لَكَ جِسْمَكَ، وَنُرْوِيَكَ مِنَ المَاءِ البَارِدِ» (١).

فهذا الماء الذي تشربه رقراقًا جميلًا باردًا يأتيك صافيًا نقيًّا تُسأَل عنه يوم القيامة، وتسأل عن هذه النعم التي أنعم الله -عز وجل- بها عليك.

جاء رجلٌ إلى عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- فقال له: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ فقال له عبد الله بن عمرو: ألك امرأةٌ تأوي إليها؟ قال: نعم. قال: ألك مسكن تسكنه؟ قال: نعم. قال: فأنت من الأغنياء. قال: فإنَّ لي خادمًا. قال: فأنت من الملوك (٢).

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ» (٣).

ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنْ اتَّقَى اللهَ، وَالصِّحَّةُ لِمَنْ اتَّقَى اللهَ خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى، وَطِيبُ النَّفْسِ مِنَ النِّعَمِ» (٤). فهذا من النعيم الذي يُسأَلُ عنه يوم القيامة.

[يسأل عن العهود والمواثيق]

ويسأل الله -عز وجل- عبادَه عن العهود والمواثيق التي كانت عليهم، قال الله تعالى: {وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا (١٥)} [الأحزاب].

[يسأل المرء عن سمعه وبصره وفؤاده]

ويحاسبون على سمعهم وأبصارهم وأفئدتهم، كما قال -جل وعلا-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (٣٦)} [الإسراء].


(١) أخرجه الترمذي (٣٣٥٨) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وقال هذا حديث غريب. وصححه ابن حبان (٧٣٦٤) والحاكم (٧٢٠٣) ووافقه الألباني في الصحيحة (٥٣٩)
(٢) رواه مسلم (٢٩٧٩).
(٣) أخرجه البخاري (٦٤١٢) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٤) أخرجه أحمد (٢٣١٥٨)، وابن ماجه (٢١٤١) والبخاري في الأدب المفرد (٣٠١)، من حديث عم عبد الله بن خبيب الجهني، واسمه عبيد بن معاذ -رضي الله عنه- كما في التقريب وأصله تبعا لابن منده في المعرفة-. والحديث صححه الحاكم (٢١٣١) ووافقه الألباني في الصحيحة (١٧٤) وقال الحاكم: الصَّحَابِيُّ الَّذِي لَمْ يُسَمِّهِ هُوَ يَسَارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْجُهَنِيُّ ا. هـ فالله أعلم ولم أجد في الإصابة لابن حجر "يسارا" هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>