للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

F e

المجلس الحادي والثلاثون (١)

[اقتصاص المظالم]

ومما يدخل في باب الإيمان باليوم الآخر ما أخبرنا الله -عز وجل- عنه مما يكون يوم القيامة من اقتصاص المظالم بين الخلق يوم القيامة، فيقتص بعضهم من بعض.

[يوم القيامة يوم الفصل]

فالله -جل وعلا- الحكم العدل سمَّى يوم القيامة بيوم الفصل، قال -جل وعلا-: {إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتًا (١٧)} [النبأ: ١٧]

هذا اليوم يُفصَل فيه بين الناس، ويقتص فيه للمظلوم من الظالم، وتحيط بالظالم المظالم، وتصعد القلوب إلى الغلاصم، وليس لمن لا يرحمه الإله عاصم. وتعاد الحقوق إلى أهلها، فيَقتَصُّ الحكمُ العدلُ للمظلوم من ظالمه حتى لا يبقى لأحد عند أحد مظلمة

حتى الحيوان يُقتَصُّ لبعضهم من بعض كما في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ، مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» (٢) إنه موقفٌ عظيمٌ، وهذا -واللهِ- ليستدعي من المؤمن أن يقف وقفة عظيمة مع نفسه ويحاسب النفس؛ ليتخلَّص من كل المظالم.

[حديث أتدرون من المفلس؟]

وحينما نتحدث عن هذا الأمر العظيم يتراءى لنا الحديث المشهور المعروف عند العلماء بحديث المفلس وهو ما أخرجه الإمام مسلم والترمذي وغيرهما من حديث أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه يومًا: «أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ»؟ قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:


(١) كان في يوم الثلاثاء السابع عشر من شهر شوال من عام ١٤٤١ هـ.
(٢) تقدم في المجلس السادس والعشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>