للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآخرة ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل؛ وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم وهو معرفة مفاتيح الخير والشر لا يوفق لمعرفته ومراعاته إلا من عظم حظه وتوفيقه فإن الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحا وبابا يدخل منه إليه … وهذه الأمور لا يصدق بها إلا كل من له بصيرة صحيحة وعقل يعرف به ما في نفسه وما في الوجود من الخير والشر فينبغي للعبد أن يعتني كل الاعتناء بمعرفة المفاتيح وما جعلت المفاتيح له … إلخ (١)

[أهل التوحيد الذين يدخلون الجنة قسمان]

فمنهم: من يدخل الجنة ابتداءً. ومنهم: من يكون عنده ذنوب من كبائر أو غيرها لم يغفرها الله -سبحانه وتعالى- فإذا لم يغفر الله -عز وجل- لهم، فإنهم يدخلون النار ثم يؤذن فيهم بالشفاعة، فيشفع فيهم ويخرجون من النار، فيدخلون الجنة، وقد تقدم معنا ذلك في مبحث الشفاعة، وذكرنا قولَ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي» (٢).

والمقصود أنَّ أهل التوحيد الذين وحَّدُوا الله وماتوا على توحيد الله -سبحانه وتعالى- فإن مآلهم الجنة بفضلٍ من الله -عز وجل- ورحمة.

[الجنة دار الخلود]

أخبرنا ربنا -سبحانه وتعالى- أيضًا أن الجنة دارٌ خالدةٌ لا تفنى ولا تبيد، وأهلها فيها خالدون لا يرحلون عنها ولا يظعنون ولا يبيدون ولا يموتون، {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٥٦)} [الدخان: ٥٦]

وتكرَّرَ في القرآن -في ستة وعشرين موضعا- قولُ الله -سبحانه وتعالى- عن أهل الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا} (٣) وقال -جل وعلا-: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (١٠٨)} [الكهف: ١٠٨].


(١) حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح - ط عطاءات العلم- (١/ ١٣٩).
(٢) تقدم في آخر المجلس التاسع والعشرين.
(٣) [آل عمران: ١٥، ١٣٦، ١٩٨، النساء: ١٣، ٥٧، ١٢٢، المائدة: ٨٥، ١١٩، التوبة: ٢٢، ٧٢، ٨٩، ١٠٠، هود: ١٠٨، إبراهيم ٢٣، الكهف: ١٠٨، طه: ٨٦، الفرقان: ٧٦، العنكبوت: ٥٨، لقمان: ٩، الأحقاف: ١٤، الفتح: ٥، الحديد: ١٢، المجادلة: ٢٢، التغابن: ٩، الطلاق: ١١، البينة: ٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>