للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ (١٢)} [يس] يعني: في كتاب.

وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢] وقال -جل وعلا-: {كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (٥٨)} [الإسراء].

ويقول نبيُّنا -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث جبريل -عليها السلام-: «الإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ» (١).

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-: «كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ-قَالَ-وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» (٢). فإذا قرأت هذا الحديث اطمأنَّت نفسُك، فكلُّ شيء بقضاء وقدر، والله -عز وجل- قد كتب مقادير الخلائق، ولا يمكن أن يقع في هذا الكون شيءٌ لا يريده الله.

[كل شيء بقدر]

وجاء في حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كُلُّ شَيءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ أَوِ الْكَيْسُ وَالْعَجْزُ» (٣). و «الْعَجْزُ» هو عدم القدرة وقيل هو ترك ما يجب فعله والتسويف به وتأخيره عن وقته ويحتمل: العجز عن الطاعات ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة. «وَالْكَيْسُ» ضد العجز وهو النشاط والحذق بالأمور ومعناه أن العاجز قد قدر عجزه والكيس قد قدر كيسه (٤)

[لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر]

وجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْمِنَ بِأَرْبَعٍ: حَتَّى يَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، بَعَثَنِي بِالْحَقِّ، وَحَتَّى يُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَحَتَّى يُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ» (٥). ولهذا لما أُخْبِرَ عبدُ الله بن عمر -رضي الله عنهما- عن قوم يَشُكُّون في القدر وجاؤوا فيه


(١) تقدم تخريجه في المجلس الخامس عشر.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٥٣).
(٣) صحيح مسلم (٢٦٥٥).
(٤) انظر: شرح النووي على مسلم (١٦/ ٢٠٥)
(٥) أخرجه الترمذي (٢١٤٥) من طريق الطيالسي عن شعبة، وابن ماجه (٨١) من طريق شريك، وأحمد (٧٥٨) من طريق محمد بن جعفر عن شعبة كلاهما شريك وشعبة عن منصور عن ربعي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. واختلف فيه على منصور: فرواه الترمذي أيضا عن النضر بن شميل، عن شعبة، نحوه، إلا أنه قال: ربعي، عن رجل، عن علي، وقال الترمذي: حديث أبي داود، عن شعبة عندي أصح من حديث النضر وهكذا روى غير واحد، عن منصور، عن ربعي، عن علي ا. هـ وتعقبه الحافظ في النكت الظراف (٧/ ٣٧٢/ مع تحفة الأشراف) فقال: قد أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده عن أبي نعيم عن الثوري عن منصور مثل ما قال النضر عن شعبة وكذلك أخرجه عبد بن حميد عن أبي نعيم ا. هـ قلت: ورواه أحمد (١١١٢) حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، مثل رواية النضر. وقال الدارقطني في العلل (٣/ ١٩٦): حدث به شريك وورقاء وجرير وعمرو بن أبي قيس، عن منصور، عن ربعي، عن علي. وخالفهم سفيان الثوري، وزائدة، وأبو الأحوص، وسليمان التيمي، فرووه عن منصور، عن ربعي، عن رجل من بني راشد، عن علي. وهو الصواب ا. هـ وقال الحافظ الضياء المقدسي في المختارة (٢/ ٦٨): ويحتمل أن يكون ربعي سمعه من علي وسمعه من رجل عنه فكان يرويه مرة عن علي ومرة عن رجل عنه والله أعلم ا. هـ وبمثله قال العلامة الألباني في ظلال الجنة (١/ ٦٠) رقم (١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>