للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُقرِّبُ العلماء هذا المعنى، فيقولون: الإسلام دائرة كبيرة، مَنْ دخلها فهو مسلم، وداخل هذه الدائرة دائرةٌ أصغر، يعني أنَّ هناك دائرةً داخلَ دائرة الإسلام، فمَن دخلها فهو مؤمن؛ ولهذا قالوا: كلُّ مؤمنٍ مسلمٌ، وليس العكس. فكلُّ مؤمن مسلم؛ لأنَّ الإيمان أخصُّ من الإسلام، فإذا قال: لا إله إلا الله فهو مسلم، ثم إذا اجتهد في الأعمال الصالحة بلغ مرتبة الإيمان. ثم داخلُ مرتبة الإيمان دائرةٌ أصغر، وهي دائرة الإحسان. فمن دخلها فهو محسن، مؤمن، مسلم. ولهذا قال ابن كثير كما تقدم: ويدل عليه حديث جبريل -عليها السلام- حين سأل عن الإسلام ثم عن الإيمان ثم عن الإحسان فترقى من الأعم (وهو الإسلام) إلى الأخص (وهو الإيمان) ثم للأخص منه (وهو الإحسان؛ فمرتبة الإحسان أعلى مرتبة، وهذا من الأدلة على أن الإيمان يزيد وينقص، وأن أهله متفاضلون فيه)

[مسألة الاستثناء في الإسلام والإيمان]

وهنا مسألة يذكرها العلماء في هذا الباب وهي: هل يقول: "أنا مسلم إن شاء الله؟ " "أنا مؤمن إن شاء الله؟ "، أو: مؤمن أرجو، أو: آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله.

والمأثور عن عامة أهل السنة هو أنه يجوز الاستثناء في الإيمان.

ومنهم من أوجبه ومنهم من منعه باعتبار معين.

ولا خلاف بين هذه الأقوال، فالاستثناء يصح باعتبار ويمتنع باعتبار آخر كما سيأتي.

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- - حاكيا إجماع السلف-: ونحن نحكي إجماعهم كما حكاه حرب صاحب الإمام أحمد عنهم بلفظه قال … وكان من قولهم أن الإيمان قول وعمل ونية وتمسك بالسنة والإيمان يزيد وينقص ويستثنى منه في الإيمان غير ألا يكون الاستثناء شكا إنما هي سنة ماضية عند العلماء فإذا سئل الرجل أمؤمن أنت فانه يقول "أنا مؤمن إن شاء الله"، أو "مؤمن أرجو" ويقول: "آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله" … ومن لم ير الاستثناء في الإيمان فهو مرجئ ومن زعم أن إيمانه كإيمان جبريل والملائكة فهو مرجئ … إلخ (١)


(١) حادي الأرواح (٤٩٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>