للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر بعض معجزات الأنبياء]

إذا عرفنا ذلك فإنَّ الله-سبحانه-قد أيَّد أنبياءه ورسله بمعجزات كثيرة، وقد جاء في القرآن بيانُ شيءٍ من ذلك.

قال أبو القاسم إسماعيل التيمي الأصبهاني، الملقب بقوام السنة (ت: ٥٣٥ هـ):

قَالَ الْعلمَاء: لم يبْعَث الله -جل وعلا- نَبيا إِلَّا وَمَعَهُ معْجزَة تدل عَلَى صدق قَوْله من جنس مَا قومُه عَلَيْهِ: فعيسى -صلى الله عليه وسلم- بُعث فِي زمَان الْحُكَمَاء والأطباء، وَكَانَت معجزته إِبْرَاء الأكمه، والأبرص وإحياء، الْمَوْتَى. فَلَمَّا عجزوا عَنْ هَذِهِ الْحِكْمَة مَعَ كَونهم حكماء، استدلوا عَلَى أَنه رَسُول الله، وَكَذَلِكَ مُوسَى -صلى الله عليه وسلم- بُعث فِي زمَان السَّحَرَة والكهنة، وَكَانَت الْعَصَا معجزته، ابتلعت حبالهم وعصيهم، وَلم تطل، وَلم تقصر، وَلم يكبر بَطنهَا. فَلَمَّا عجزوا عَنْ ذَلِكَ مَعَ معرفتهم بِالسحرِ استدلوا عَلَى أَنه رَسُول الله. وَنَبِيًّا -صلى الله عليه وسلم- بعث فِي زمَان الفصحاء والبلغاء، الَّذين يقدرُونَ عَلَى النّظم والنثر، وَأنزل عَلَيْهِ الْقُرْآن، وَقَالَ لَهُمْ: ائْتُوا بِمثلِهِ، فَلَمَّا عجزوا عَنْ الْإِتْيَان بِمثلِهِ مَعَ اقتدارهم عَلَى الْكَلَام، واستجلوا عَلَى أَنه كَلَام الله، وَأَنْ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- مُرْسل من عِنْد الله. وَالْقُرْآن معجزته السَّابِقَة الأوَّلَة والنبوة ثبتَتْ بالمعجزة الأوَّلَة، والمعجزة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة، كَانَتْ تَأْكِيدًا للأوَّلة ا. هـ (١)

ما أيَّدَ الله به نوحًا -عليها السلام-:

فمن هذا تأييد الله -جل وعلا- نبيَّه نوحًا -عليها السلام- بتلكم المعجزة العظيمة، فأنجاه وأصحاب السفينة، وأغرق من كفر به من العالمين.

ما أيَّد الله به هودًا -عليها السلام-:

وقال الله تعالى عن هود -عليها السلام- لما قال له قومه: {يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (٥٣) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ} [هود: ٥٣ - ٥٤]. فأجابهم -عليها السلام- بقلب المؤمن المتوكل على الله متحدِّيًا لهم: {إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٥٤) مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ (٥٥) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ


(١) الحجة في بيان المحجة (٢/ ٢١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>