للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وجوب الإيمان بجميع الرسل]

والله-تعالى-يقول: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦)} [البقرة]

قال ابن تيمية -رحمه الله-: فَأَمَرَنَا أَنْ نَقُولَ: آمَنَّا بِهَذَا كُلِّهِ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَمَنْ بَلَغَتْهُ رِسَالَةُ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يُقِرَّ بِمَا جَاءَ بِهِ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا وَلَا مُؤْمِنًا؛ بَلْ يَكُونُ كَافِرًا وَإِنْ زَعْم أَنَّهُ مُسْلِمٌ أَوْ مُؤْمِنٌ ا. هـ (١)

ومن سار على هذا النهج فقد اهتدى؛ ولهذا جاءت الآية بعد ذلك: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} [البقرة: ١٣٧]. وأنا أدعو كل مؤمن أن يقف عند هذه الآية متأملاً في هذا السياق {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ}. أي من جميع الرسل، وجميع الكتب، وأسلموا لله وحده، ولم يفرقوا بين أحد من رسل الله {فَقَدِ اهْتَدَوْا} للصراط المستقيم. فالهداية التامة هي أن تكون موافقًا في الإيمان لما كان عليه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- وأصحابُه؛ ولهذا قال: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ} [البقرة: ١٣٧] أي في عصيان وفِرَاق وحَربٍ لله ولرسوله ولكم {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ} بأي نوع من العقوبات، {وَهُوَ السَّمِيعُ} لما يقولون من الباطل {الْعَلِيمُ} بما يُبطنون لك ولأصحابك المؤمنين في أنفسهم من الحَسد والبغضاء.

[مدح المؤمنين الذين لم يفرقوا بين الله ورسله]

وإن ربك -جل وعلا- امتدح رسول هذه الأمة والمؤمنين الذين تابعوه في الإيمان فقال -جل وعلا-: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: ٢٨٥] ووعد الله -جل وعلا- الذين لم يفرقوا


(١) التدمرية ط العبيكان (ص: ١٧٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>