للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء في روايةٍ -ضعيفة- عن ابن مسعود -رضي الله عنه- الجمعُ بينهما ولفظه: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ الصَّلَاةُ وَأَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ» (١)

قال العلماء: "المعاصِي التي يعاقبُ عليها العبدُ يومَ القيامةِ نوعانِ: حقُّ اللَّهِ، وحقُّ العبادِ، وأولُ ما يُقضَى فيه يومَ القيامةِ من حقوقِ اللَّهِ الصلاةُ، ومن حقوقِ العبادِ الدماءُ" (٢)

وقال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-: وإنما أراد - والله أعلم-: أن كل واحد من تلك الأوليات أوَّلٌ بالنسبة إلى التي في بابه، فأول ما يحاسبُ به من أركان الإسلام الصلاة، وأول ما يحاسب به من المظالم الدِّماء، وأول ما يحاسب به مما ينتشر فيه صِيتُ فاعله تلك الأمور. وهذا أوَّلُ ما يقاربه ويناسبه، وهكذا تعتبر ما يردُ عليك من هذا الباب، والله تعالى أعلم ا. هـ (٣)

[الاقتصاص بين البهائم]

ومن صور القصاص ما ذكرناه أوَّلًا من أنه يقتص للبهائم بعضها من بعض، فإذا وقع ذلك وقِيدَ للشاة الجمَّاء من الشاة القرناء قال الله -عز وجل- لها: «كُونِي ترابًا» فيقول الكافر حينئذ: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)} [النبأ]. كما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام] قَالَ: «يَحْشُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَهَائِمَ، وَالدَّوَابَّ، وَالطَّيْرَ، وَكُلَّ شَيْءٍ، فَيَبْلُغُ مِنْ عَدْلِ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ أَنَّ اللَّهَ يَأْخُذُ لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ» قَالَ: «ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا» قَالَ: «فَلِذَلِكَ يَقُولُ الْكَافِرُ {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا (٤٠)(٤)


(١) رواه النسائي (٣٩٩١) عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود به. وشريك سيء الحفظ. والجمع بينهما في حديث واحد من أخطائه.
(٢) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٥/ ٤٢) للقرطبي. و" أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور" (ص: ٥٠) لابن رجب. وفتح الباري لابن حجر (١١/ ٣٩٦)
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٣/ ٧٤٧)
(٤) رواه عبد الرزاق في التفسير (٧٨٦، ٣٤٧٣) - ومن طريقه الطبري في التفسير (٩/ ٢٣٥/ ط هجر) والحاكم في المستدرك (٣٢٣١) -، وابن راهويه في مسنده (٣٢٢) وابن أبي حاتم في تفسيره (٧٢٦٢) وسنده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>