للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكنهم لا يجدون من النار مفرًّا: {وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا (٥٣)} [الكهف]

ويقول ربنا: {فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠)} [مريم]

تأملوا كيف الذلة والمهانة التي تكون لهؤلاء يوم القيامة!

وكيف يقادون إلى نار جنهم بهذه الصورة المذلة المهينة جزاءَ ما عملوا في هذه الدنيا من أعمال سيئة! يقول الله: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)} [مريم]. فهذه آيات صوَّر الله -عز وجل- فيها الحال التي يكون عليها هؤلاء.

[حال المنافق يوم القيامة]

أما أهل النفاق الذين يُعطَون نورًا ثم ينطفئ عنهم فإنه تتعدد حسرتهم يوم القيامة، كانوا مع المؤمنين في الدنيا، يُصلُّون معهم، يصومون معهم، يحجون معهم، يتصدقون معهم، وربما أخذوا من الليل، فقاموا، وربما فعلوا وفعلوا، لكن أعمالهم لم تُخلَص لله. كانوا في الدنيا مع المؤمنين ثم ماتوا ودُفِنُوا في مقابر المسلمين ثم يقومون يوم القيامة، مع المسلمين ثم يحشرون، فإذا حُشِروا أُعطِيَ كلُّ إنسانٍ من أهل الإيمان نورًا، ويعطى المنافق نورًا، لكنّ نور المؤمن يبقى ويظل معه، وأما نور المنافق فإنه ينطفئ. وحينئذ ينادي أهلَ الإيمان: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} ولا يزال المنافق مغترًّا حتى يقسم النور ويميز الله بين المنافق وبين المؤمن، فينادي: {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} كنا معكم في الدنيا، فيرد عليهم المؤمنون: {ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} يعني من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور، قال الله: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>