للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول الإمام البيهقي -رحمه الله تعالى-: الثاني من شعب الإيمان، وهو باب في الإيمان برسل الله -صلوات الله عليهم عامة- اعتقادًا وإقرارًا إلا أنَّ الإيمان بما عدا نبينا -صلى الله عليه وسلم- هو الإيمان بأنهم كانوا مرسلين إلى الذين ذَكَرُوا لهم أنهم رسل الله إليهم، وكانوا في ذلك صادقين محقِّين، والإيمان بالمصطفى نبينا -صلى الله عليه وسلم- هو التصديق بأنه نبيه ورسوله إلى الذين بُعِثَ فيهم، وإلى مَنْ بعدَهم من الجن والإنس إلى قيام الساعة (١).

[من أدلة الإيمان بالرسل]

ثم ذكر البيهقي -رحمه الله- أدلة على ذلك (٢)، منها: قول الله -جل وعلا-: {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء: ١٣٦]. هذه الآية دليل على أن الإيمان بالرسل أصل من أصول الإيمان، ويقول ربنا -جل وعلا-: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤)} [آل عمران].

[كفر من كذب بالرسول]

فإذا عرفت أنَّ الإيمان بالأنبياء أصلٌ من أصول الدين، وأصل من أصول الإيمان، فإنَّ من لم يؤمن بالرسل فقد ضلَّ ضلالًا بعيداً، وخسر خُسرانًا مبينًا. يقول ربنا سبحانه: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)} [النساء].

وتأملوا قول الله -سبحانه وتعالى- في قوم زعموا أنهم مؤمنون، ولكنهم كفروا بالرسل والكتب قال -جل وعلا-: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٩١] فالذين يَقْدُرُون الله حق قدره، ويعلمون صفاته التي اتصف بها من العلم والحكمة والرحمة لا بُدَّ أن يوقنوا بأنه أرسل الرسل وأنزل الكتب؛ لأن هذا مقتضى صفاته؛ فهو -سبحانه- لم يخلق الخلق عبثًا، قال تعالى: {أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (٣٦)} [القيامة]


(١) شعب الإيمان (١/ ٢٧٢).
(٢) انظر شعب الإيمان (١/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>