للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: معناها لا معبود بحق إلا الله، وغيرُ الله إن عُبِدَ فإنما يعبد بباطل. هذا معنى هذه الكلمة، وليس معناها أنه لا معبود إلا الله، بل لا معبود بحق إلا الله؛ فلا بد من هذه الكلمة -أعني كلمة "بحق"؛ لأنَّ هناك آلهةً عُبِدَت بباطل من دون الله، فليس هناك إله حق إلا الله -جل وعلا- لأنه الخالق الرزاق مالك الملك المدبر، فلا يستحق العبادة أحدٌ سواه.

أمَّا الآلهة المتعدِّدة التي انتشرت عند الناس: فمنهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الشمس، ومنهم من يعبد القمر، ومنهم من يعبد القبور والأضرحة، ومنهم من يعبد البقر، أو الحجر أو الشجر أو غير ذلك من الآلهة. فإذا جاء يوم القيامة يزاد في التنكيل بهم، ويحشرون مع آلهتهم التي عبدوها من دون الله، هذا إذا كانت هذه الآلهة من هذه الأوثان وغيرها.

من عُبِدَ من الأنبياء والصالحين:

أما عبادتهم للأنبياء وعبادتهم للمرسلين وعبادتهم للصالحين ونحوهم ممن هو غير راضٍ عن عبادتهم إيَّاه فإن الله -عز وجل- ينجيهم. كما في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-: قَالَ: … إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ لِقُرَيْشٍ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ فِيهِ خَيْرٌ» وَقَدْ عَلِمَتْ قُرَيْشٌ أَنَّ النَّصَارَى تَعْبُدُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ -عليها السلام-، (وَمَا تَقُولُ فِي مُحَمَّدٍ) (١)، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى كَانَ نَبِيًّا وَعَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ صَالِحًا، فَلَئِنْ كُنْتَ صَادِقًا، فَإِنَّ آلِهَتَهُمْ لَكَمَا تَقُولُونَ. قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عز وجل-: {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧)} [الزخرف: ٥٧] قَالَ:


(١) قال الشيخ أحمد البنا في الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (١٨/ ٢٦٦): أي وما تقول النصارى في محمد من عدم تصديقهم بنبوته ا. هـ وقال العلامة أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (٣/ ٢٨٤): قوله «وما تقول في محمد» هكذا هو في الأصلين وابن كثير، وفي الزوائد «وما يقول محمد»، ولعله أصح، أو يكون في الكلام نقص ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>