للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نَارٍ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِ الْمِرْجَلُ، مَا يَرَى أَنَّ أَحَدًا أَشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا وَإِنَّهُ لَأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا» (١)

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَنْتَعِلُ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ» رواه مسلم (٢)

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» رواه مسلم (٣)

وَعَنْ سَمُرَةَ بنِ جُنْدَبٍ -رضي الله عنه-، أَنَّهُ سَمِعَ نَبِيَّ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «(إِنَّ) مِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ النَّارُ إِلَى تَرْقُوَتِهِ (وفي رواية: إِلَى عُنُقِهِ)» رواه مسلم (٤)

قال أبو العباس القرطبي -رحمه الله-: وهذا الحديث أيضًا يدلّ على أن أهل النار يتفاوتون فيها، ويصح مثل هذا في الكفار، … ويصح أن يكون ذلك فيمن يعذب من الموحدين، إلا أن الله تعالى يميتهم إماتة، كما صح في الحديث ا. هـ (٥)

عصاة المؤمنين لا يُخلَّدُون في النار إذا دخلوها:

النار نارٌ خالدة لا تفنى ولا تبيد، يُعذِّب اللهُ -عز وجل- فيها الكفار والمشركين. كما تقدم في كلام الطحاوي: "والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدًا ولا تبيدان" ويدخلها من شاء الله من عصاة أهل التوحيد لكنهم بفضل من الله ورحمة منه لا يُخلَّدُون في نار جهنم كما تقدم في مسائل الشفاعة. فهؤلاء لَقُوا الله -جل وعلا- بذنوب لم يغفرها الله -عز وجل- لهم، فيُعذَّبُون في النار بقدر ما يشاء الله -سبحانه وتعالى- ثم يخرجون منها.


(١) صحيح البخاري (٦٥٦١، ٦٥٦٢) واللفظ له، وصحيح مسلم (٢١٣)
(٢) صحيح مسلم (٢١١)
(٣) تقدم (ص: ١٧٨)
(٤) صحيح مسلم (٢٨٤٥)
(٥) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٧/ ١٨٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>