للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تزود بما يثقل ميزانك يوم القيامة]

ونحن في هذه الدنيا في فرصة ومهلة، والله -جل وعلا- أخبرنا أن موازيننا تثقلُ يوم القيامة بقدر ما نعمل من الأعمال الصالحات. وقد ضرب لذلك بعضُ أهل العلم مثلًا بأقوام جاؤوا على ساحل البحر، فانحسر البحر عن الجواهر والنفائس، فأخذ الناسُ يجمعون، كلٌّ يجمع بقدر ما يستطيع، فإذا رُئِيَ في هذا الموطن رجلٌ متغافلٌ عن جمع الجواهر وعن جمع الذهب وما انحسر عنه البحر فإنه يُعَدُّ في عُرْف الناس متكاسلًا، وربما قيل عنه: إنه مجنونٌ، فهكذا نحن في الدنيا في فرصة وفي مهلة (١).

ومن رحمة الله -جل وعلا- وفضله أنه أخبرنا أن الأعمال الصالحة تضاعف في الميزان، وأنَّ الحسنة لا توزن بحسنة عند الله، وإنما تُوزَنُ بعشر حسنات؛ فتثقل بذلك الموازين: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (١٦٠)} [الأنعام] وقال ربنا -جل وعلا-: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ (٨٩) وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٩٠)} [النمل] وقال سبحانه: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٨٤)} [القصص: ٨٤].

[لا وزن للحسنات بدون توحيد الله]

فالآيات دالة على أنه بقدر ما تستزيد من أعمالك الصالحة في الدنيا التي أساسُها توحيدُ الله والإيمانُ بالله والإخلاصُ لله فإن حسناتك تضاعف يوم القيامة، وتثقل الموازين بهذه الحسنات المضاعفة من رب العالمين.

ويقول ربنا -جل وعلا- في كتابه الكريم عن حال الكفار: {أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (١٠٥)} [الكهف]

تأملوا حال هؤلاء! لماذا حبطت أعمالهم؟


(١) انظر في أمثلة الدنيا: «عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين - ط عطاءات العلم» (١/ ٤٤٤ - ٤٧٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>