للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راوي الحديث يدل على إجرائه على ظاهره وأن الميت يبعث في ثيابه التي قبض فيها وفي الصحاح وغيرها أن الناس يبعثون عراة ا. هـ (١)

[ما تتميز به هذه الأمة عند البعث]

وأخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن هذه الأمة تتميز حين يبعث الناس، ففي مسند الإمام أحمد عن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُبْعَثُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَنَا وَأُمَّتِي عَلَى تَلٍّ، وَيَكْسُونِي رَبِّي -تبارك وتعالى- حُلَّةً خَضْرَاءَ، ثُمَّ يُؤْذَنُ لِي، فَأَقُولُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَقُولَ، فَذَاكَ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ» (٢)


(١) الترغيب والترهيب (٤/ ٢٠٥) وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١١/ ٣٨٣): وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُحْشَرُ عَارِيًا وَبَعْضَهُمْ كَاسِيًا أَوْ يُحْشَرُونَ كُلُّهُمْ عُرَاةً ثُمَّ يُكْسَى الْأَنْبِيَاءُ فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ -عليه الصلاة والسلام- أَوْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْقُبُورِ بِالثِّيَابِ الَّتِي مَاتُوا فِيهَا ثُمَّ تَتَنَاثَرُ عَنْهُمْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْحَشْرِ فَيُحْشَرُونَ عُرَاةً ثُمَّ يَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمَ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى الشُّهَدَاءِ لِأَنَّهُمُ الَّذِينَ أَمَرَ أَنْ يُزَمَّلُوا فِي ثِيَابِهِمْ وَيُدْفَنُوا فِيهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعَهُ فِي الشَّهِيدِ فَحَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ وَمِمَّنْ حَمَلَهُ على عُمُومه معَاذ بن جبل فَأخْرج ابن أَبِي الدُّنْيَا [في كتاب الأهوال (٢٢٤)، وفي كتاب النفقة على العيال (٥١٥) ورواه ابن أبي شيبة (١١١٣٢) -ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (٢٩٨٥) -] بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ قَالَ دَفَنَّا أُمَّ مُعَاذَ بْنِ جَبَلٍ [في مصادر التخريج أنها امرأته لا أمه، وعند ابن المنذر "أوصى بامرأة"] فَأَمَرَ بِهَا فَكُفِّنَتْ فِي ثِيَابٍ جُدُدٍ وَقَالَ: «أَحْسِنُوا أَكْفَانَ مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهُمْ يُحْشَرُونَ فِيهَا» قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْعَمَلِ وَإِطْلَاقِ الثِّيَابِ عَلَى الْعَمَلِ وَقَعَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ} [الأعراف: ٢٦]، وَقَوله تَعَالَى {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر] عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ قَالَ مَعْنَاهُ وَعَمَلَكَ فَأَخْلِصْهُ. وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ … وَحَدِيثُ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ … وَرَجَّحَ الْقُرْطُبِيُّ الْحَمْلَ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ … قَالَ فَيُحْمَلُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ عَلَى الشُّهَدَاءِ لِأَنَّهُمْ يُدْفَنُونَ بِثِيَابِهِمْ فَيُبْعَثُونَ فِيهَا تَمْيِيزًا لَهُمْ عَنْ غَيرهم وَقد نَقله ابن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ وَمِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إِنَّ الْمَلَابِسَ فِي الدُّنْيَا أَمْوَالٌ وَلَا مَالَ فِي الْآخِرَةِ مِمَّا كَانَ فِي الدُّنْيَا وَلِأَنَّ الَّذِي يَقِي النَّفْسَ مِمَّا تَكْرَهُ فِي الْآخِرَةِ ثَوَابٌ بِحُسْنِ عَمَلِهَا أَوْ رَحْمَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنَ اللَّهِ وَأَمَّا مَلَابِسُ الدُّنْيَا فَلَا تُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ ا. هـ
(٢) مسند أحمد (١٥٧٨٣) وصحيح ابن حبان (٦٤٧٩) والحاكم (٣٣٨٣) وصححه على شرط الشيخين ووافقه الألباني في السلسلة الصحيحة (٢٣٧٠) قلت: وتعقب شيخنا الوادعي الحاكم فقال في كتاب الشفاعة (ص: ٥١): قد اختلف في سماع عبد الرحمن من جده كعب، ولا يضر هنا لأنه في الشواهد ا. هـ وقال الحافظ في التهذيب: وقع في صحيح البخاري في الجهاد تصريحه بالسماع من جده. وقال الذهلي في العلل: ما أظنه سمع من جده شيئا. وقال الدارقطني: روايته عن جده مرسل. وقال أبو العباس الطرقي: إنما روى عن جده أحرفا في الحديث، ولم يمكنه الحديث بطوله فاستثبته من أبيه. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>