للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قصة الرجل الذي وقصته الدابة في الحج قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تُحَنِّطُوهُ، وَلَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ مُلَبِّيًا» (١).

وفي سنن أبي داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه-:

أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ، دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» (٢)

-هكذا أجراه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- على ظاهره-،

والصحيح أن المراد به العمل كما قال البيهقي وغيره (٣).

والحديث رواه ابن حبان في صحيحه وقال: أَرَادَ بِهِ فِي أَعْمَالِهِ كَقَوْلِهِ -جل وعلا-: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} [المدثر] يُرِيدُ بِهِ: وَأَعْمَالَكَ فَأَصْلِحْهَا لَا أَنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي قُبِضَ فِيهَا، إِذِ الْأَخْبَارُ الْجَمَّةُ تُصَرِّحُ عَنِ الْمُصْطَفَى -صلى الله عليه وسلم- بِأَنَّ النَّاسَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا ا. هـ (٤)

وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: … وَالْعَرَبُ تَقُولُ فُلَانٌ طَاهِرُ الثِّيَابِ إِذَا وَصَفُوهُ بِطَهَارَةِ النَّفْسِ وَالْبَرَاءَةِ مِنَ الْعَيْبِ وَدَنَسِ الثِّيَابِ إِذَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ ا. هـ (٥)

وقال المنذري: وقد قال كل من وقفت على كلامه من أهل اللغة إن المراد بقوله «يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ» التي قبض فيها أي في أعماله قال الهروي … وليس قول من ذهب إلى الأكفان بشيء لأن الميت إنما يكفن بعد الموت انتهى قال المنذري: وفعل أبي سعيد


(١) أخرجه البخاري (١٢٦٥) من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنهما-، ومسلم (١٢٠٦) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه أبو داود (٣١١٤) وصححه الحاكم (١٢٦٠) وقال على شرط الشيخين ووافقه الألباني في الصحيحة (١٦٧١) وفيه نظر فالحديث من رواية يحيى بن أيوب عن ابن الهاد، وليست هذه السياقة في سنده من شرطهما. ويحيى فيه ضعف، قال المنذري في الترغيب والترهيب (٤/ ٢٠٥): وفي إسناده يحيى بن أيوب وهو الغافقي المصري احتج به البخاري ومسلم وغيرهما وله مناكير وقال أبو حاتم لا يحتج به وقال أحمد سيئ الحفظ وقال النسائي ليس بالقوي ا. هـ
(٣) «شعب الإيمان» (١/ ٥٤٩ ط الرشد) وانظر: «البعث والنشور للبيهقي ت الشوامي» (ص ٢٢٤) و «جامع المسائل - ابن تيمية - ط عطاءات العلم» (٤/ ٢٢٤)
(٤) صحيح ابن حبان (٧٣١٦)
(٥) «معالم السنن» (١/ ٣٠١)

<<  <  ج: ص:  >  >>