للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥، الأنبياء: ٣٥، العنكبوت: ٥٧]

قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-: يُخْبِرُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَامًّا يَعُمُّ جَمِيعَ الْخَلِيقَةِ بِأَنَّ كُلَّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ، كَقَوْلِهِ: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (٢٧)} [الرحمن] فَهُوَ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ الْحَيُّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ يَمُوتُونَ، وَكَذَلِكَ الْمَلَائِكَةُ وَحَمَلَةُ الْعَرْشِ، وَيَنْفَرِدُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ الْقَهَّارُ بِالدَّيْمُومَةِ وَالْبَقَاءِ، فَيَكُونُ آخِرًا كَمَا كَانَ أَوَّلًا. ا. هـ (١)

[الملائكة يسكنون السماء]

وبيَّنت الأدلة أيضًا منازل الملائكة ومساكنها، وأنهم في السماء، قال -جل وعلا-: {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [الشورى: ٥] ومما يدل على أن السماء مسكنُهم قولُ الله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] وفي الصحيح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَقَالَتِ المَلَائِكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ، فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» (٢).

وسيأتي في مبحث عدد الملائكة أدلة تدل على سكناهم السماء.

[الملائكة ينزلون إلى الأرض بأمر الله]

وينزلون إلى الأرض بأمر الله لتنفيذ مهمات أمرهم الله -جل وعلا- بها كما قال: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ} [مريم: ٦٤] وفي الصحيح عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِجِبْرِيلَ: «أَلَا تَزُورُنَا أَكْثَرَ مِمَّا تَزُورُنَا؟»، قَالَ: فَنَزَلَتْ: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا (٦٤) قَالَ: كَانَ هَذَا الجَوَابَ


(١) تفسير ابن كثير - ت السلامة (٢/ ١٧٧)
(٢) أخرجه البخاري (٧٨١) ومسلم (٤١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>