للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطمأنينة في أحواله؛ فجرِّبُوا ذلك عباد الله، اقرؤوا القرآن، وتدبَّروه، وتأملوه.

وإن وقفنا عند أسماء الله الحسنى وعند صفاته -جل وعلا- ونظرنا إلى معانيها التي دلَّ عليها القرآن، ودلَّ عليها كلام العلماء الذين بيَّنوا ذلك، سنجد طمأنينة، ورحمة، وراحة في قلوبنا وفي حياتنا؛ لأن ذلك يزيد في إيمان المسلم، وفي يقينه، ويصرف عنه الباطل بإذن الله -جل وعلا-.

فأسأل الله -سبحانه وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يشرح صدورنا للقرآن العظيم، ويُنوِّر أبصارنا وبصائرنا، وأن يُزيِّن الإيمان في قلوبنا، وأن يجعل ممن يجد اللذة مع كتاب الله وسنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-.

وما زادهم إلا إيمانًا وتسليمًا:

وأَختِمُ معكم هذا المجلس بالتأمل في آية من كتاب الله -جل وعلا- فيها عظة واعتبار لما نحن فيه. يقول الله -سبحانه وتعالى- في سورة الأحزاب: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (٢١) وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)} [الأحزاب].

هذه الآية فيها إخبار من الله -سبحانه وتعالى- أنَّ المؤمنين لمّا رأوا البلاءَ الذي نزل بهم يوم الأحزاب واجتماعَ الناس على حربهم تذكَّرُوا قولَ الله -جل وعلا- لهم: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (٢١٤)} [البقرة]. فزادت الطمأنينة في قلوبهم، وزاد الإيمان عندهم مع اشتداد البلاء بهم، وهكذا هم أهل الإيمان. (١) وقال الحسن البصري -رحمه الله تعالى- في قوله: {وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (٢٢)} [الأحزاب]: "ما زادهم البلاء إلا إيمانًا بالربِّ وتسليمًا بالقضاء" (٢).

وعن يزيد بن رومان -رحمه الله- قال: "أي صبرًا على البلاء وتسليمًا للقضاء وتصديقًا


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (١٩/ ٥٩)
(٢) أخرجه عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم كما في الدر المنثور في التفسير بالمأثور (٦/ ٥٨٥) ورواه اللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (٥/ ١٠٢٣) رقم (١٧٣١) وفي سنده ضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>