للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتحقيق ما كان الله وعدهم ورسوله" (١).

هؤلاء قوم عرفوا أن الله لا يقول إلا حقًا، ولا يأتي عن الله إلا صدقا، عرفوا ذلك يقينًا، فلما رأوا البلاء عرفوا أنَّ ذلك خيرٌ لهم، فزادهم إيمانًا وتسليمًا لأمر الله وقضائه.

وبعض الناس ما زادهم البلاء إلا تسخطاً على الله -جل وعلا- وعلى شرعه وقدره.

ونحن في وقتٍ انتشر فيه البلاء، وعمَّ فيه الوباء، فنحتاج أن نتفكر، ونتأمل؛ فإنَّ الله -جل وعلا- لا يُقدِّر عليك -أيها المؤمن- إلا خيرًا.

قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْضِي لِلْمُؤْمِنِ قَضَاءً إِلَّا كَانَ خَيْرًا لَه» (٢).

وقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «عَجِبْتُ مِنْ قَضَاءِ اللهِ -جل وعلا- لِلمُؤْمِنِ، إِنِ أصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَشَكَرَ، وَإِنِ أصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ حَمِدَ رَبَّهُ وَصَبَرَ، الْمُؤْمِنُ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِهِ» (٣)

وفي صحيح مسلم عَنْ صُهَيْبٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ» (٤) وفي رواية: «وَكُلُّ قَضَاءِ اللهِ لِلْمُسْلِمِ خَيْرٌ» (٥)

فحين يتأمل المسلم في هذا -وهو من جملة تأمله لأسماء الله وصفاته -جل وعلا- يعرف أن هذا السبيل هو الذي أمر به الله -سبحانه وتعالى- ولا يعارض ذلك أن يذهب ويأخذ بالأسباب، فإن هذا مما أمر الله به، لكنه يُسلِّم لأمر الله، ويرضى ويدعو، ويتقرب إلى الله -جل وعلا- فيصبح هذا الوقتُ العصيبُ فرصةً عظيمة للإقبال على الله -جل وعلا- ودعائه والتفكر والتأمل في آلائه -سبحانه وتعالى-.


(١) تفسير الطبري (٢٠/ ٢٣٦).
(٢) أخرجه أحمد (١٢٩٠٦) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه أحمد (١٤٨٧) من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-.
(٤) صحيح مسلم (٢٩٩٩)
(٥) مسند البزار (٢٠٨٨) والمعجم الكبير للطبراني (٨/ ٤٠) رقم (٧٣١٦) والمعجم الأوسط (٧٣٩٠) وشعب الإيمان للبيهقي (٩٤٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>