للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الإبانة لابن بطة بسند حسن عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- أنهُ حَدَّثَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فقَالَ: «خَلَقَ اللَّهُ الْمَلَائِكَةَ لِعِبَادَتِهِ أَصْنَافًا، فَإِنَّ مِنْهُمُ الْمَلَائِكَةَ قِيَامًا صَافِّينَ مِنْ يَوْمِ خَلْقِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَلَائِكَةً رُكُوعًا خُشُوعًا مِنْ يَوْمِ خَلْقِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَلَائِكَةً سُجُودًا مُنْذُ خَلَقَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ تَعَالَى، وَنَظَرُوا إِلَى وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، قَالُوا: سُبْحَانَكَ، مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ» (١)

وَعَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى، وَجِبْرِيلُ كَالْحِلْسِ الْبَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ -عز وجل-» (٢) والحِلْس: ما وَلِيَ البعير تحت الرحل (٣).

[تسبيح الملائكة وذكرهم لله]

وجاء في الأدلة الشرعية شيءٌ من بيان عبادتهم وتعبدهم لربهم -جل وعلا- فمن ذلك: التسبيح والذكر؛ يقول ربنا -جل وعلا-: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [غافر: ٧] وقال -جل وعلا-: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: ٤٤]. وأخبرنا ربنا أن تسبيح الملائكة دائم ليلًا ونهارًا لا ينقطع، يقول -جل وعلا-: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (٢٠)} [الأنبياء].

ولكثرة تسبيحهم فإنهم هم المسبِّحون على الحقيقة؛ فإن الله يقول مخبرًا عنهم: أنهم قالوا: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)} [الصافات]. وما ذلك إلا لكثرة تسبيحهم وثنائهم على ربهم -جل وعلا- فهم يقومون ويركعون ويسجدون لربهم.

وَعَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا مَوْضِعُ قَدَمٍ


(١) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (٣٣) والبيهقي في كتاب الرؤية -كما في الحبائك في أخبار الملائك للسيوطي (١٤٧) - ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق (٩/ ٢٩٦) وابن العديم في بغية الطلب فى تاريخ حلب (٤/ ٢٠٢٦) - وسنده حسن. وهو في التاريخ الكبير للبخاري (٢/ ٨ ت المعلمي اليماني) مختصرا- ومن طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (٢/ ٨٤٩) وابن عساكر في تاريخ دمشق (٩/ ٢٩٧) -.
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء (٤١٤) وابن أبي عاصم في السنة (٦٢١) والطبراني في الأوسط (٤٦٧٩) وقوام السنة في الحجة (٢٤٨) وابن مردويه كما في الدر المنثور (٥/ ٢١٦) وذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم ٢٢٨٩)
(٣) انظر: كتاب العين للخليل (٣/ ١٤٢) وتهذيب اللغة للأزهري (٤/ ١٨١)

<<  <  ج: ص:  >  >>