للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول -عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فِي الدُّنْيَا كُلِّفَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنْ يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ، وَلَيْسَ بِنَافِخٍ» (١).

من ضَرَبَ بسوط ظلمًا اقتُصَّ منه:

وقد جاء أيضًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الأدب المفرد للبخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ ضَرَبَ ضَرْبًا اقْتُصَّ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

وفي رواية: «مَنْ ضَرَبَ ضَرْبًا ظلْماً … » (٢)

وفي رواية: «مَنْ ضَرَبَ سَوْطًا ظُلْمًا اقْتُصَّ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٣)

يؤتى به يوم القيامة، فيُضرب كما ضرب في الدنيا، فكم ستجد من أناس في عرصات القيامة تُرفَع عليهم الأسواطُ، ويُضرَبون كما ضَرَبوا في الدنيا ظلمًا.

وَعَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «لَا يَضْرِبُ أَحَدٌ عَبْدًا لَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لَهُ إِلَّا أُقِيدَ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (٤). فالمملوك والخادم والضعيف والمستضعف الذين يُستَضْعَفون في هذه الدنيا ولا ناصر لهم، يأتون يوم القيامة ويأخذون حقوقهم (٥).


(١) أخرجه البخاري (٥٩٦٣) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب المفرد (١٨٥، ١٨٦) وحسنه الألباني.
(٣) أخرجه البزار (٩٤٤٦، ٩٥٣٥) والطبراني في الأوسط (١٤٤٥) وحسنه الهيثمي في المجمع (١٠/ ٣٥٣) والمنذري والألباني وانظر: صحيح الترغيب والترهيب (٢٢٩١) والصحيحة (٢٣٥٢)
(٤) أخرجه عبد الرزاق (١٧٩٥٤)، وابن أبي شيبة (٢٥٤٦١) عن وكيع والبخاري في الأدب المفرد (١٨١) واللفظ له عن محمد بن يوسف، وقبيصة، كلهم (عبد الرزاق ووكيع ومحمد وقبيصة) عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن عمار به. وحبيب مدلس وقد عنعن. وخالفهم الأشجعي فرواه عن الثوري به فرفعه. رواه أبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٤/ ٣٧٨) وقال: غريب من حديث الثوري وحبيب، لم يروه عنه مجودا إلا الأشجعي ا. هـ وحسنه الألباني لشواهده انظر: صحيح الترغيب والترهيب (٢٢٨٠) والصحيحة (٢٣٥٢)
(٥) وقد يشكل على هذا ما ورد في الصحيح أن المجازاة يوم القيامة إنما هي بالحسنات والسيئات -كما سيأتي، والظاهر أنه لا تعارض فقد دلت هذه الأحاديث -كما يقول العلامة ابن عثيمين- على أن الآخرة فيها تكليف، قال: لكنه ليس كالتكليف في الدنيا، أرأيتم قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢)} [القلم]. وهذا تكليف، فالآخرة فيها شيء من التكليف لكن ليس كالتكليف في الدنيا ا. هـ انظر: «فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام» (٥/ ٣٨٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>