للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقولون هذه آيات على صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى إنهم أدرجوا الكرامات ضمن الآيات البينات. فنجد أنَّ الإمام عبد الرزاق الصنعاني -رحمه الله- يترجم في كتابه المصنف بقوله: (باب ما يُعجَّل لأهل اليقين من الآيات) ثم يسوق فيه عددًا من الكرامات (١). وكذلك شيخ المحدثين وجبل الحفظ في الحديث الإمام البخاري في صحيحه يقول: (باب علامات النبوة في الإسلام) (٢) ثم يذكر أحاديث تضمَّنت دلائلَ النبوة كحديث نبع الماء بين أصابعه -صلى الله عليه وسلم- (٣) ويسوق مع ذلك أشياء وقعت لبعض الصحابة ولبعض الأولياء -رضوان الله تعالى عليهم- مما يدل على:

• عدم تفريق السلف بين الآية النبوية والكرامة من حيث التسمية.

• كما يدل على أمر آخر، وهو أنهم يُسمُّون المعجزات بالآيات، وهذه التسمية هي التي جاء بها القرآن الكريم كما تقدَّم معنا في قول الله: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} يعني: بالآيات والدلائل البيِّنة.

[الفرق بين المعجزة والآية والكرامة]

إذا عرفنا هذا فما هو الفرق عند العلماء -خاصة المتأخرين- بين: ما يسمى بالمعجزة أو الآية وبين ما يكون من الكرامات وبين ما يكون من الخوارق أو الأحوال الشيطانية التي تقع لبعض هؤلاء المفسدين كالسحرة وغيرهم؟

لا شكَّ ولا ريب أنَّ هناك فرقًا بين ما يعطيه الله -جل وعلا- لأنبيائه ورسله وبين ما يقع للأولياء من الكرامات وبين ما يكون للسَّحرة والمشعوذين وغيرهم.

إذًا هناك ثلاثة أمور:

• الأول: آيات الأنبياء وهي معجزات،

• والثاني: كرامات الأولياء،

• والثالث: ما هو من الأحوال الشيطانية والسحر والشعوذة.


(١) مصنف عبد الرزاق الصنعاني (١١/ ٢٨٠).
(٢) صحيح البخاري (٤/ ٢٢٢).
(٣) عند البخاري (٣٥٧٢) من حديث أَنَسٍ -رضي الله عنه- قَالَ: أُتِيَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِإِنَاءٍ وَهْوَ بِالزَّوْرَاءِ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، فَجَعَلَ الْمَاءُ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ. قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لأَنَسٍ: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَلَاثَمِئَةٍ، أَوْ زُهَاءَ ثَلَاثِمِئَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>