للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإيمان بالجنة]

إنَّ من الإيمان باليوم الآخر الإيمانَ بالجنة التي وعد الله -عز وجل- بها أولياءه وأهل طاعته.

وهي نعيم كاملٌ لا يشوبه نقص ولا يُعكِّر صفوه كَدَرٌ، وقد حدَّثنا الله -جل وعلا- في كتابه عن الجنة وجاء خبرُها في سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

والإيمانُ بالجنة ووجودها واجبٌ على كل مسلم ومسلمة، وذلك-كما ذكرنا-من الإيمان باليوم الآخر.

[الجنة والنار مخلوقتان موجودتان]

وذكر العلماءُ -رحمهم الله- تعالى ذلك في كتب العقائد فإنهم ينصون على ذلك ويقولون: ونؤمن بالجنة والنار وأنهما مخلوقتان وموجودتان، وقد دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- الجنة ورآها.

يقول الحافظ الإمام الطحاوي -رحمه الله تعالى- في عقيدته السلفية: "وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ، لَا تَفْنَيَانِ أَبَدًا وَلَا تَبِيدَانِ، وَأنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ قَبْلَ الْخَلْقِ، وَخَلَقَ لَهُمَا أَهْلًا، فَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ فَضْلًا مِنْهُ، وَمَنْ شَاءَ مِنْهُمْ إِلَى النَّارِ عَدْلًا مِنْهُ، وَكُلٌّ يَعْمَلُ لِمَا قَدْ فُرِغَ لَهُ، وَصَائِرٌ إِلَى مَا خُلِقَ لَهُ، وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ مُقَدَّرَانِ عَلَى الْعِبَادِ" (١).

وهكذا قال غير واحد من أهل العلم في كتب العقيدة بناءً على ما ورد في الكتاب والسنة من خبر الجنة والنار، وهذا أمرٌ مشهورٌ، ومعلوم من الدين بالضرورة.

[رؤية جبريل الجنة والنار]

وقد جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ أَرْسَلَ جِبْرِيلَ -عليها السلام- إِلَى الْجَنَّةِ، فَقَالَ: انْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَسْمَعُ بِهَا أَحَدٌ إِلَّا دَخَلَهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَحُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ فَقَالَ: اذْهَبْ إِلَيْهَا، فَانْظُرْ إِلَيْهَا وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ قَدْ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ. فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ لَا يَدْخُلَهَا أَحَدٌ. قَالَ: اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَى النَّارِ وَإِلَى مَا أَعْدَدْتُ لِأَهْلِهَا فِيهَا، فَنَظَرَ إِلَيْهَا فَإِذَا هِيَ يَرْكَبُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَرَجَعَ فَقَالَ: وَعِزَّتِكَ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ، فَأَمَرَ بِهَا


(١) متن العقيدة الطحاوية (ص: ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>