للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ (٨٩) وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩٠) فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ (٩١)} [الواقعة] فهؤلاء هم أولياء الله المؤمنون المتقون، والولاية-كما تقدم-هي اجتماع الإيمان والتقوى. فإذا عرفت ذلك تبيَّن لك أن ما يقع على أيدي السحرة والكُهَّان إنما هو دجل وكذب لا يمكن أن يختلط على مؤمنٍ آمن بالله وعرف شريعة الله.

[الفرق بين الآيات والأحوال الشيطانية]

ومع هذا فالعلماء يقولون كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في كتابه النبوات في ذكر الفرق بين معجزات الأنبياء والخوارق التي تحدث على أيدي السحرة والكُهَّان قال: من ذلك أن النَّبيَّ صادقٌ فيما يخبر به عن الكتب، لا يكذب قطُّ، ومن خالفهم من السحرة والكُهَّان لا بُدَّ أن يكذب كما قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (٢٢٢)} [الشعراء]. (إذًا هذه علامة تدل على الفرق بين الولي وبين الكذَّاب الساحر؛ فأولياءُ الله لا يكذبون، والأنبياء لا يكذبون، وأما السحرة والكُهَّان فيبنون أمورهم على الكذب). ثم ذكر: الأمر الثاني وهو: أن الأنبياء لا يأمرون إلا بالعدل وطلب الآخرة وعبادة الله وحده، وأعمالُهم البرُّ والتقوى، وأما هؤلاء فإنهم يأمرون بالشرك والظلم، ويُعظِّمون الدنيا، وفي أعمالهم الإثم والعدوان (١).

ولهذا تجد هؤلاء يأمرون بالذبح لغير الله، ويأمرون بترك الطاعات، ويأمرون بترك الصلاة وبإهانة المصحف وغير ذلك.

الأمر الثالث: الكهانة والسحر ينالهما الإنسان بتعلمه وسعيه واكتسابه، وهذا مجرَّب عند الناس، بخلاف النبوة؛ فلا ينالها أحدٌ باكتسابه. كما قال ربنا -جل وعلا-: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: ١٢٤] إلى غير ذلك من الأمور التي يُفرَّق بها بين المعجزة والكرامة من جهة وبين هذه الأشياء التي تجري على يد الكُهَّان ونحوهم.


(١) النبوات (١/ ٥٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>