للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[آخر من يحشر]

وجاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَتْرُكُونَ المَدِينَةَ عَلَى خَيْرِ مَا كَانَتْ، لَا يَغْشَاهَا إِلَّا العَوَافِ-يُرِيدُ عَوَافِيَ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ-وَآخِرُ مَنْ يُحْشَرُ رَاعِيَانِ مِنْ مُزَيْنَةَ، يُرِيدَانِ المَدِينَةَ، يَنْعِقَانِ بِغَنَمِهِمَا فَيَجِدَانِهَا وَحوشًا، حَتَّى إِذَا بَلَغَا ثَنِيَّةَ الوَدَاعِ، خَرَّا عَلَى وُجُوهِهِمَا» (١).

يقول الحافظ ابن حجر -رحمه الله-:

"قوله: «فيجدانها وحوشًا» أو يجدانها ذات وحوش أو يجدان أهلها قد صاروا وحوشًا، وهذا على أن الرواية بفتح الواو أي: يجدانها خالية وفي رواية مسلم: «فيجدانها وَحْشًا» أي: خالية ليس بها أحد، والوَحْش من الأرض: الخلاء" (٢).

[صفة أرض المحشر]

جاء في الصحيحين بيانُ صفة الأرض التي يحشر الناس عليها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ، كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ، لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ» (٣).

قوله: «عَفْرَاءَ»: قال الخطابي: العفر: بياض ليس بالناصع" (٤)

وقال عياض: "العفر: بياض يضرب إلى حمرة قليلًا" (٥)،

وقوله: «كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ» أي: "الدقيق النَّقِي من القشر والنخالة. قاله الخطابي (٦).

وقوله: «لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لِأَحَدٍ» أي: ليس بها علامة سكنى، أو بناء، ولا أثر.

وفي الحديث: إشارة إلى أن أرض الدنيا اضمحلّت، وأُعدمت، وأن أرض الموقف تجددت وأنها أكبر من هذه الأرض الموجودة جدّاً. قيل: والحكمة في صفة الأرض المذكورة


(١) أخرجه البخاري (١٨٧٤)، ومسلم (١٣٨٩).
(٢) فتح الباري (٤/ ٩١) وانظر طبعة الأرناؤوط (٦/ ٢٢٦)
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٢١)، ومسلم (٢٧٩٠) من حديث سهل بن سعد -رضي الله عنه-.
(٤) «أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)» (٣/ ٢٢٦٨).
(٥) «مشارق الأنوار على صحاح الآثار» (٢/ ٩٧)
(٦) «أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري)» (٣/ ٢٢٦٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>