للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ -رضي الله عنه-: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيْءٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: «نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلَا أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ» (١) وقال -صلى الله عليه وسلم- «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» (٢)

[النوع الرابع الشفاعة في أقوام دخلوا النار أن يخرجوا منها]

رابعا: ومن أنواع الشفاعة: الشفاعةُ فيمن دخل النار من أهل التوحيد أن يخرجوا منها، فيخرجون قد امتُحِشُوا، (٣) وصاروا فحمًا، فيُطرَحونَ في نَهرِ الحياةِ، فينبُتونَ كما تَنبتُ الحبَّةُ في حميلِ السَّيلِ كما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أَبِي سَعِيدٍ -رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَوْنَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ فَأَمَاتَهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا، أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ» (٤)

وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يَجْمَعُ اللَّهُ المُؤْمِنِينَ يَومَ القِيامَةِ كَذلكَ، فيَقولونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا إلى رَبِّنا حتَّى يُرِيحَنا مِنْ مَكانِنا هذا … ثم ذكر الحديث بمعناه: يأتون آدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا -صلى الله عليه وسلم- قال: فأنْطَلِقُ، فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لي عليه، فإذا رَأَيْتُ رَبِّي وقَعْتُ له ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقالُ لِي: ارْفَعْ مُحَمَّدُ وقُلْ يُسْمَعْ، وسَلْ تُعْطَهْ، واشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأحْمَدُ رَبِّي بمَحامِدَ عَلَّمَنِيها، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا،


(١) رواه البخاري (٣٨٨٣) ومسلم (٢٠٩).
(٢) رواه مسلم (٢١٢) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. ووهم الحاكم فأخرجه في المستدرك على الصحيحين (٨٧٤٠) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ا. هـ وتعقبه شيخنا الوادعي -رحمه الله- في التعليقات على المستدرك.
(٣) امتحشوا: أي احترقوا. وتروى: " امتَحَشُوا "
(٤) أخرجه البخاري (٦٥٦٠)، ومسلم (١٨٤) من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>