{وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا} [الجن: ٢٨]
فمَن عَلِمَ باطلاع الله عليه ورؤيته له وإحاطته به فإنَّ ذلك يُثمِر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات القلب عن كل ما لا يُرضِي الله.
وتأمل قول الله سبحانه: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤)} [العلق].
فمن وضع هذه الآية نُصْبَ عينيه؛ حجز نفسه عن الغفلة ولزم المراقبة لله. لأنَّ العلم بأسماء الله وصفاته، يمنع المؤمنَ الصادقَ الموفقَ من الوقوع فيما حرَّم الله.
وتأمل قوله سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)} [الحجرات].
ففي ذكر الاسمين الكريمين؛ بعد الأمر بتقواه، حث على الامتثال للأمر، وترهيب عن عدم الامتثال.
وتأملوا قوله سبحانه: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)} [فصلت]
فإن في قوله تعالى {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} تهديدًا ووعيدًا لأعدائه ويؤكده ختم الآية {إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٤٠)} فالله مطَّلِع على أعمالكم من خير أو شر.
[الغني الكريم البر الرحيم]
وهكذا إذا علم العبد بأن الله: {غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: ٤٠]،
وأنه {الْبَرُّ الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٨] الذي شمل الكائنات بأسرها ببِرِّه ومَنِّهِ وعطائه؛
فهو مغني النعم؛ وهو واسع الإحسان، وأنه -تبارك وتعالى- مع غناه عن عباده فهو محسن إليهم، رحيم بهم، يريد بهم الخير، ويكشف عنهم الضر، لا لجلب منفعة إليه من العبد، ولا دفع مضرة بل رحمة منه وإحسانًا، فهو سبحانه لم يخلق خلقه ليتكثر بهم من قلة ولا ليعتز بهم من ذلة ولا ليرزقوه ولا لينفعوه ولا يدفعوا عنه كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (٥٨)} [الذاريات].
[الحق المبين]
وهكذا حين تعلم {أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)} [النور]
فتسأل نفسك: ما معنى اسم الله -جل وعلا- الحق؟ وما معنى المبين؟