للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالحق هو الذي لا شكَّ فيه ولا ريب، لا في ذاته، ولا في أسمائه وصفاته، ولا في ألوهيته؛ فأوصافه العظيمة حق، وأفعاله هي الحق، وعبادته هي الحق، ولقاؤه حق، ووعده ووعيده، وحكمه الديني والجزائي حق، ورسله حق. وهو لا يظلم أحدا مثقال ذرة. فكل هذا، يعينك على فهم أسماء الله الحسنى ويعينك على التدبر والتفكر والتأمل.

فإذا علم العبد ذلك أحبَّ ربه -سبحانه- وأقبل على ربه -جل وعلا- بكُلِّيَّته متعبِّدًا ذاكرًا لربه بلسانه، ومطيعًا لربه بجوارحه.

إذا علم العبد ذلك أثمر عنده قوةَ رجاءٍ بالله، وأثمر عنده الطمعَ فيما عند الله وإنزالَ جميع حوائجه به وإظهارَ افتقاره إليه كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (١٥)} [فاطر: ١٥].

كذلك إذا تأمل العبد في عدل الله وانتقامه، وغضبه، سبحانه وسخطه، وعقوبته، أثمر عنده الخشية، والخوف، والحذر، والبُعد عن مساخط الربِّ -جل وعلا-.

ولهذا يقول ربنا -سبحانه وتعالى-: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)} [الحجر].

إن التأمل في ذلك يدعوك -أيها المؤمن- إلى أن تعيش بين الخوف والرجاء.

ويقول سبحانه: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (١٩٦)} [البقرة].

وقال سبحانه: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٨)} [المائدة].

وقال -جل وعلا-: {فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٠٩)} [البقرة].

وهكذا كلَّما تأمل الإنسان في أسماء الله وصفاته زاده ذلك إيمانًا، وزاده ذلك رفعة وقربًا من الله -جل وعلا-.

<<  <  ج: ص:  >  >>