للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا عددٌ عظيمٌ، قال العلماء «بَعْثُ النَّارِ» أي: المبعوث الموجه إليها، فيأمر اللهُ آدم ويقول له: ميِّزْ أهل النار من غيرهم، ويقول له من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون. يقول -عليه الصلاة والسلام-: «فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ {وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)} [الحج] فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ؟». إذا كان من كل ألفٍ تسعمائة وتسعة وتسعين وينجو واحد فمن هو ذلك الواحد؟ - فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: «أَبْشِرُوا، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الجَنَّةِ» قَالَ: فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا، ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ البَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ، أَوِ الرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الحِمَارِ» (١).

وهذا يدل على فضل هذه الأمة المباركة. بل صح عَنِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ -رضي الله عنه- أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ، مِنْهُمْ ثَمَانُونَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ» وفي رواية: «أَنْتُمْ مِنْهُمْ ثَمَانُونَ صَفًّا» رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد (٢). فدلَّ ذلك على أنَّ ثلثي أهل الجنة من أمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

إن جهنم كانت مرصادًا:

يقول ربنا -سبحانه وتعالى- في شأن النار يوم القيامة: {إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا (٢١) لِلطَّاغِينَ مَآبًا (٢٢) لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣)} [النبأ] {مِرْصَادًا} أي: مرصدة يرصد فيها خزنتها من كان يُكذِّب بها وبالمعاد يوم القيامة.

يُعرَف المجرمون بسيماهم:

ويقول -جل وعلا- في شأن اختطاف الكفار والمجرمين: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (٤١)} [الرحمن] فهم إذا جاؤوا يوم القيامة يُعرَفون بما عليهم من


(١) أخرجه البخاري (٦٥٣٠) واللفظ له، ومسلم (٢٢٢).
(٢) تقدم تخريجه في مبحث "هذه الأمة هي أكثر أهل الجنة. (ص: ١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>