للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى إِذَا رَأَى أَنَّهُ قَدْ هَلَكَ قَالَ اللَّهُ: إِنِّي سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ. ثُمَّ يُعطَى كتابَ حَسَنَاتِهِ بِيَمِينِهِ، … الحديث» (١) ا. هـ (٢)

وقال -رحمه الله-: في قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧)} الآيات [الحاقة]: وَهَذَا إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ إِذَا أُعْطِيَ أَحَدُهُمْ كِتَابَهُ فِي العَرَصات بِشَمَالِهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْدَمُ غَايَةَ النَّدَمِ، {فَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (٢٦) يَالَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (٢٧)} قَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي مَوْتَةً لَا حَيَاةَ بَعْدَهَا. وَكَذَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ، وَالرَّبِيعُ، وَالسُّدِّيُّ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تَمَنَّى الْمَوْتَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ فِي الدُّنْيَا أَكْرَهُ إِلَيْهِ مِنْهُ. {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (٢٩)} أَيْ: لَمْ يَدْفَعْ عَنِّي مَالِي وَلَا جَاهِي عذابَ اللَّهِ وبَأسه، بَلْ خَلَص الْأَمْرُ إليَّ وَحْدِي، فَلَا مُعِينَ لِي وَلَا مُجِيرَ .... إلخ (٣). وقوله تعالى في سورة الإنشقاق: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (١٠)} أَيْ: بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، تُثْنى يَدُهُ إِلَى وَرَائِهِ وَيُعْطَى كِتَابَهُ بِهَا كَذَلِكَ.

-نسأل الله السلامة والعافية-

[من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها]

ومن عدل الله وتفضُّلِه ورحمتِه بعباده المؤمنين أنَّ المؤمن يجد في كتاب حسناتِه الحسناتِ المضاعفاتِ التي وعد الله -عز وجل- بها. {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} [الأنعام: ١٦٠] وهذا من رحمة الله.

مضاعفة الصَّدقات:

قال الله تعالى: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} [التغابن: ١٧] وكما جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأن الصدقة فإن المؤمن إذا «تَصَدَّقَ


(١) تقدم (ص: ٢٤)
(٢) تفسير ابن كثير ت سلامة (٨/ ٢١٣).
(٣) المرجع السابق (٨/ ٢١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>