للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: "الصَّافَّات" الطير، كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ} [الملك: ١٩]، وقال تعالى: {وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ} [النور: ٤١]؛

و"الزَّاجِرَات": الآيات والكلمات الزاجرات عن معاصي الله، و"التاليات": الجماعات التاليات كتابَ الله -عز وجل-.

وقيل: "الصَّافَّات" للقتال في سبيل الله، فـ "الزَّاجِرات" الخيلَ للحمل على أعدائه، فـ "التاليات" الذاكرين له عند مُلَاقَاةِ عدوِّهم.

وقيل: "الصَّافَّات": الجماعاتُ الصَّافَّاتُ أبدانها في الصلاة، "الزَّاجِرات" أنفسها عن معاصي الله، فـ "التاليات" آياتِ اللهِ.

واللفظ يحتمل ذلك كلَّه، وإن كان أحقَّ من دخل فيه وأَوْلَى الملائكةُ، … إلخ ا. هـ (١)

[القسم في سورة الذاريات]

وقال تعالى: {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (٤) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥)} [الذاريات]

قال العلامة السعدي -رحمه الله-: هذا قسم من الله الصادق في قيله، بهذه المخلوقات العظيمة التي جعل الله فيها من المصالح والمنافع، ما جعل على أن وعده صدق، وأن الدين الذي هو يوم الجزاء والمحاسبة على الأعمال، لواقع لا محالة، ما له من دافع، فإذا أخبر به الصادق العظيم وأقسم عليه، وأقام الأدلة والبراهين عليه، فلِمَ يكذب به المكذبون، ويعرض عن العمل له العاملون.

والمراد بالذاريات: هي الرياح التي تذروا، في هبوبها {ذَرْوًا} بلينها، ولطفها، ولطفها وقوتها، وإزعاجها.

{فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢)} السحاب، تحمل الماء الكثير، الذي ينفع الله به البلاد والعباد.

{فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣)} النجوم، التي تجري على وجه اليسر والسهولة، فتتزين بها


(١) التبيان في أيمان القرآن ط عالم الفوائد (١/ ٦٤٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>