للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر عظيم، وأنَّ وجوده -صلى الله عليه وسلم- في هذه المواطن الثلاثة لأنها مواطن عظيمة، تغشى الناس في ذلك الحين حينما تُنصَبُ الموازين، فيبلغ الخوف والهلع بالناس أقصى الحدود، ينسى الحبيبُ حبيبَه، {وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا (١٠)} [المعارج]، لا يفكر أحدٌ إلا في نفسه، ويذهل عن كلِّ شيءٍ لا يفكر إلا في نتيجة ميزانه، حين توزن أعماله عند الله.

وقد رُوِيَ عن عائشة -رضي الله عنها- وأرضاها أَنَّهَا ذَكَرَتِ النَّارَ فَبَكَتْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا يُبْكِيكِ؟» قَالَتْ: ذَكَرْتُ النَّارَ فَبَكَيْتُ، فَهَلْ تَذْكُرُونَ أَهْلِيكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَمَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: فَلَا يَذْكُرُ أَحَدٌ أَحَدًا: عِنْدَ الْمِيزَانِ حَتَّى يَعْلَمَ أَيَخِفُّ مِيزَانُهُ أَوْ يَثْقُلُ، وَعِنْدَ الْكِتَابِ حِينَ يُقَالُ: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ (١٩)} [الحاقة] حَتَّى يَعْلَمَ أَيْنَ يَقَعُ كِتَابُهُ أَفِي يَمِينِهِ أَمْ فِي شِمَالِهِ أَمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ، وَعِنْدَ الصِّرَاطِ إِذَا وُضِعَ بَيْنَ ظَهْرَيْ جَهَنَّمَ» وفي إسناده ضعف (١). إنه لأمرٌ عظيمٌ من أهوال يوم القيامة.

نسأل الله -جل وعلا- أن يلطف بنا وأن يجعل أعمالنا صالحة متقبلة.

[ما يوزن يوم القيامة]

وذكر العلماء أيضًا أن الميزان:

• تُوزَن به أعمال العباد،

• وربما وُزِنَ به العاملُ أيضًا أي: صاحب العمل.

• وربما وزنت صحائف العمل أيضًا،

وعلى ذلك دلَّت الأدلة، فالأدلة تدل على أن الأعمال هي التي توزن من خير أو من شر كما في الحديث السابق: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ … » الحديث، وكما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اقْرَؤوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَؤوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ


(١) أخرجه أبو داود (٤٧٥٥) من طريق الحسن عن عائشة وهو لم يسمع منها وانظر: ضعيف الترغيب والترهيب (٢١٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>