للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أسماء الله كلها حسنى وصفاته كلها صفات عليا وكلها كمال]

ومن عقيدة أهل السنة والجماعة أن: "أَسْمَاءَ الله سُبْحَانَهُ كُلَّهَا حُسْنَى؛ وَأَفْعَالَهُ كُلَّهَا جَمِيْلَةٌ، وخَيْرٌ (١)، وَحِكْمَة، ومَصْلَحَة، وَإِحْسَانٌ، وَصِدْقٌ، وَعدْلٌ، وَرَحْمَة؛

وَصِفَاتُهُ: كُلُّهَا كَمَالٌ؛ وكلُّها صفاتُ مدْحٍ، ليْسَ فيهَا نَقْصٌ بوجْهٍ مِنْ الوجُوه " (٢)

وقولنا: "حسنى: أي: بالغة في الحسن غايته؛ لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه.

قال ابن القيم -رحمه الله-: وهى مشتقة من صفاته، وأفعاله دالة عليها فهو المحبوب المحمود لذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه ا هـ (٣).

فإذا تأملت في اسم الله -جل وعلا- {الحي} عرفت أنه دالٌّ على صفة الحياة لله -جل وعلا- وأنها صفة كاملة لم تُسبَق بعدم، ولا يلحقها نقص بخلاف الصفة للإنسان؛ فالإنسان يُوصَف بأنه "حي" لكنَّ حياتَه حياةٌ تليق بضعفه وعجزه وفقره؛ فإنها حياة سبقها عَدَمٌ كما قال -جل وعلا-: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (١)} [الإنسان] وحياة يعقبها موت؛ فالله -جل وعلا- يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)} [الزمر] ويقول -سبحانه وتعالى-: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران]. وأما ربنا -جل وعلا- فهو الحيُّ {الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: ٥٨]-سبحانه وتعالى- (٤).


(١) قال ابن القيم -رحمه الله-: أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى وهذا باطل فالشر ليس إليه فكما يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته. وفرق بين الفعل والمفعول فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله فتأمل هذا فإنه خفي على كثير من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ا. هـ من بدائع الفوائد ط عالم الفوائد (١/ ٢٨٨)
(٢) انظر: أحكام أهل الذمة (١/ ٤١٧) وكتاب الروح (ص: ٢٦٢) والفوائد (ص: ١٨٢) وروضة المحبين ونزهة المشتاقين (ص: ٤١٩) وزاد المعاد في هدي خير العباد (٣/ ٢١١) وطريق الهجرتين وباب السعادتين (ص: ٩٣)
(٣) انظر: طريق الهجرتين وباب السعادتين (ص: ٣١٨).
(٤) انظر: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى (ص: ٧) للعلامة ابن عثيمين -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>