للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع النظر إليه، والشوق إلى لقائه مع لقائه، فيكون ذلك الشوق وتلك اللذة مقترنة مع رؤية الله ولقائه لا أنها هي نفس النعيم، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: فاللذة مقرونة بالنظر إليه، ولا أحب إليهم من النظر إليه لما يقترن بذلك من اللذة، لا أن نفس النظر هو اللذة ا. هـ (١) وقال -رحمه الله-: أخبر الصادق المصدوق أنّه لم يُعطَ أهلُ الجنّة أحبّ إليهم من النظر إليه. وسُنّ أن يُدعى بلذة النظر إلى وجهه الكريم. وأهل الجنّة قد تنعّموا من أنواع النّعيم بالمخلوقات بما هو غاية النّعيم، فلمّا كان نظرهم إليه أحبّ إليهم من كلّ أنواع النّعيم، عُلم أنّ لذّة النّظر إليه أعظم عند أهل الجنّة من جميع أنواع اللَّذَّات ا. هـ (٢)

[قوله في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة]

وقال الحافظ ابن رجب: وَإِنَّمَا قَالَ «من غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ، وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ» لِأَن الشوق إِلَى لِقَاء الله يسْتَلْزم محبَّة الْمَوْت، وَالْمَوْت يَقع تمنيه كثيرا من أهل الدُّنْيَا بِوُقُوع الضراء الْمضرَّة فِي الدُّنْيَا وَإِنْ كَانَ مَنْهِيّا عَنهُ فِي الشَّرْع، وَيَقَع من أهل الدّين تمنيه لخشية الْوُقُوع فِي الْفِتَن المضلة، فَسَأَلَ تمني الْمَوْت خَالِيا من هذَيْن الْحَالين وَأَنْ يكون ناشئا عَنْ مَحْض محبَّة الله والشوق إِلَى لِقَائِه ا. هـ (٣)

وقال: فالشوق إلى لقاء الله تعالى إنما يكون بمحبة الموت وذلك لا يقع غالبا إلا عند خوف ضراء مضرة في الدنيا أو فتنة مضلة في الدين فأما إذا خلا عن ذلك كان شوقا إلى لقاء الله -عز وجل- وهو المسؤول في هذا الحديث وفي المسند عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا يتمنين الموت إلا من وثق بعمله» (٤) فالمطيع لله مستأنس بربه فهو يحب لقاء الله والله يحب لقاءه والعاصي مستوحش بينه وبين مولاه وحشة الذنوب فهو يكره


(١) الإيمان الأوسط - ط ابن الجوزي (ص ٤٢١)
(٢) «النبوات» (١/ ٣٤١)
(٣) «شرح حديث لبيك اللهم لبيك» (ص ٩٥)
(٤) مسند أحمد (١٤/ ٢٦٠) رقم (٨٦٠٧) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا: «لَا يَتَمَنَّى أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ، وَلَا يَدْعُو بِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ وَثِقَ بِعَمَلِهِ، فَإِنَّهُ إِنْ مَاتَ أَحَدُكُمُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ، وَإِنَّهُ لَا يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلَّا خَيْرًا» وفي إسناده ابن لهيعة وهو سيء الحفظ وقد تفرد بقوله " «إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ وَثِقَ بِعَمَلِهِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>