للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمة محمد تُصدِّق الأنبياء:

وأخبرنا النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أن أمة محمد تشهد للأنبياء يوم القيامة كما قال ربنا سبحانه: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: ١٤٣].

وخرَّج البخاري -رحمه الله- في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُدْعَى نُوحٌ يَومَ القِيامَةِ، فيَقولُ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ يا رَبِّ، فيَقولُ: هلْ بَلَّغْتَ؟ فيَقولُ: نَعَمْ، فيُقالُ لِأُمَّتِهِ: هلْ بَلَّغَكُمْ؟ فيَقولونَ: ما أتانا مِنْ نَذِيرٍ، فيَقولُ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فيَقولُ: مُحَمَّدٌ وأُمَّتُهُ، فَتَشْهَدُونَ أنَّه قدْ بَلَّغَ: {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] فَذلكَ قَوْلُهُ جَلَّ ذِكْرُهُ: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣]» (١).

[الأرض تشهد]

وقال الله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)} [الزلزلة]. أَيْ: تُحَدِّثُ بِمَا عَمِلَ الْعَامِلُونَ عَلَى ظَهْرِهَا. قال مُجَاهِد والثوري وغيرهما: «تُحَدِّثُ بِأَخْبَارِ النَّاسِ بِمَا عَمِلُوا عَلَيْهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ» (٢). وقد روى الترمذي -بسند ضعيف- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- هَذِهِ الآيَةَ: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)} قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا أَنْ تَقُولَ: عَمِلَ كَذَا وَكَذَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وقال: فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا» (٣)


(١) أخرجه البخاري (٤٤٨٧).
(٢) انظر: تفسير مجاهد (ص ٧٤٢) وتفسير عبد الرزاق (٣/ ٤٥٠) رقم (٣٦٧٤) و «تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر» (٢٤/ ٥٦١)، وتفسير ابن كثير - ت السلامة (٨/ ٤٦٠)
(٣) أخرجه الترمذي (٢٤٢٩، ٣٣٥٣) من طريق سعيد بن أبي أيوب، عن يحيى بن أبي سليمان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب ا. هـ ويحيى بن أبي سليمان، لين الحديث -كما في التقريب، وقال البخاري منكر الحديث. ورواه رشدين بن سعد، -وهو ضعيف- عن يحيى بن أبي سليمان، عن أبي حازم، عن أنس به رواه البيهقي في شعب الإيمان» (٩/ ٤٢٠ ط الرشد). وهذا منكر. قال البيهقي: فهذا -أي رواية بن أبي أيوب- أصح من رواية رشدين بن سعد ورشدين بن سعد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>