للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة].

[دعوة نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى التوحيد]

وعلى هذا سار خاتم الأنبياء والمرسلين، فكان يأتي قومه، فيدعوهم، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ تُفْلِحُوا» (١) ويحذرهم من الشرك بالله.

تحقيق أنَّ المشركين كانوا يقرون بتوحيد الربوبية:

ويقول بعض الناس: كان الأنبياء يدعون إلى توحيد الربوبية! أي: إلى أن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت. ونقول لهم: لم يكونوا إلا دعاةً إلى توحيد الألوهية؛ فإن الخلاف الذي وقع بين الأنبياء وبين أقوامهم إنما هو في توحيد الألوهية، الذي هو توحيد العبادة وإفراد الله بالعبادة، أما أنَّ الله هو الخالق الرازق المحيي المميت فإنهم كانوا يعرفون ذلك، ويُقرِّون به، وإنما كانوا ينكرون إفراد الله بالعبادة.

وتأملوا فيما ذكرنا سابقًا في جواب قوم هود لهودٍ -عليها السلام-، إذ قالوا: {أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف: ٧٠]

ويقول ربنا في سورة ص: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)} [ص].

فتأملوا مقالتهم؛ فإنهم عجبوا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعاهم إلى الله وحده لا شريك له.


(١) حديث صحيح. رواه البخاري في خلق أفعال العباد (١٩٣) وابن خزيمة (١٥٩) وابن حبان (٦٥٦٢) والحاكم (٢/ ٦١١ - ٦١٢) وصححه من حديث طارق بن عبد الله المحاربي -رضي الله عنه-. ورواه الإمام أحمد في المسند (٤/ ٣٤١) وابنه عَبْد الله بن أحمد في زوائده على المسند (٣/ ٤٩٢) من حديث ربيعة بن عباد الديلي -رضي الله عنه-. ورواه أحمد (٤/ ٦٣ و ٥/ ٣٧٦) عن شيخ من بني مالك ابن كنانة -رضي الله عنه- قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بسوق ذي المجاز يتخللها يقول: فذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>