للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجلس الرابع (١)

تتمة الأمور التي يُستمَد منها الإيمان:

[تدبر كتاب الله -جل وعلا-]

من الأمور العظيمة التي ينبغي أن يشتغل بها المسلم ليحافظ على دينه وإيمانه: التَّدبرُ لآياتِ الله -جل وعلا- المتلوة من الكتاب العزيز، وكذلك التأمل في الآيات الكونية على اختلاف أنواعها، والحرص على معرفة الحق الذي خُلِق له العبد.

فالمتدبر يستفيد من علوم القرآن ومعارف القرآن ما يكون سببًا في زيادة إيمانه، قال ربنا -جل وعلا-: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢)} [الأنفال].

وإذا نَظَرَ إلى انتظام القرآن وإحكامه عَلِمَ أنه يُصدِّقُ بعضُه بعضًا ويوافق بعضُه بعضًا، فهو كتابٌ عظيم {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (٤٢)} [فصلت]. ليس فيه تناقض ولا اختلاف، ولو كان من عند غير الله لوُجِدَ فيه من التناقض والاختلاف أمورٌ كثيرة، كما قال الله -سبحانه وتعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (٨٢)} [النساء].

فتأمُّلُ القرآن وتدبُّرُ القرآن من أعظم مُقوِّيات الإيمان.

والمؤمن بمجرد ما يتلو آيات الله، ويعرف ما فيها من الأخبار الصادقة والأحكام الحسنة يحصل له من أمور الإيمان خيرٌ كثير.

فكيف إذا أحسن التأمل لكتاب الله، وإذا أحسن فهم مقاصده وأسراره؟!

لذلك المؤمنون الأُوَل يقولون: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا} [آل عمران: ١٩٣]. فمعرفة القرآن وتدبر كتاب الله -جل وعلا- من أعظم الطرق والوسائل الجاذبة للإيمان.


(١) كان في يوم الأحد السادس والعشرين من شهر شعبان ١٤٤١ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>