للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمل قول الله في تشبيه أعمال الكفار: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: ٤٠]، وهذا مثل لأعمالهم الفاسدة التي لا يرجى من ورائها الخير.

وثمَّةَ أعمالٌ عملوها كانوا يظنون أنها تُغنِي عنهم من الله شيئًا كأعمال البِرِّ، فقال الله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٣٩)} [النور]

ويقول سبحانه: {مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ} [آل عمران: ١١٧] والصِّرُّ: هو البرد الشديد، فالرياح الباردة تحطم الزرع، فكذلك الكفر والشرك يحرق الأعمال الصالحة.

[لا تقبل أعمال البر من الكافر يوم القيامة]

ولا يقبل الله -عز وجل- للكافر عملًا، قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان]، فمن تصدَّق أو عمل من الطاعات والإحسان والخير والبر وهو لا يؤمن بالله واليوم الآخر، فإن الله -عز وجل- لا يقبل منه عملًا.

و «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلا نَفْسٌ مُؤْمِنَةٌ» كما قال نبينا -صلى الله عليه وسلم- (١)

وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣)} [الفرقان].


(١) أخرجه البخاري (٣٠٦٢، ٤٢٠٣) ومسلم (١١١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وفي الباب عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أخرجه البخاري (٦٥٢٨، ٦٦٤٢) ومسلم (٢٢١) وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أخرجه مسلم (١١٤) وعن كعب بن مالك -رضي الله عنه- أخرجه مسلم (١١٤٢) وعَنْ علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. أخرجه الترمذي (٨٧١، ٣٠٩٢) والنسائي (٢٩٥٨) وغيرهما. وعن ابن عباس -رضي الله عنه- أخرجه الترمذي (٣٠٩١) وقال حسن غريب وصححه الحاكم (٤٣٧٥) وعن بشر بن سحيم -رضي الله عنه- أخرجه ابن ماجه (١٧٢٠) وصححه ابن خزيمة (٢٩٦٠). وعن سلمان الفارسي رواه أحمد (٢٣٧١٢) وصححه ابن حبان (٧١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>