للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيَكُونُ التَّعْبِيرُ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنَ النَّارِ بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِأَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْ حَرِّهَا وَكَرْبِهَا مَا يُشَارِكُ بِهِ بَعْضَ مَنْ دَخَلَهَا ا. هـ (١)

[الأمانة والرحم تقومان جنبتي الصراط]

والأمانةُ والرَّحِمُ حول الصراط، يقفان في ناحيتي الصراط: كما تقدم في الحديث وهذا يدُلُّ على عِظَمِ هذه الأعمال.

قال التوربتشي: « … وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَانَةَ وَالرَّحِمَ لِعِظَمِ شَأْنِهِمَا وَفَخَامَةِ مَا يَلْزَمُ الْعِبَادُ مِنْ رِعَايَةِ حَقِّهِمَا يُمثَّلان هُنَاكَ لِلْأَمِينِ وَالْخَائِنِ وَالْمُوَاصِلِ وَالْقَاطِعِ فَيُحَاجَّانِ عَنِ الْمُحِقِّ وَيَشْهَدَانِ عَلَى الْمُبْطِلِ» (٢)

وقال العلامة الطيبي: «ويمكن أن تحمل الأمانة على الأمانة العظمى، وهي ما في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} [الأحزاب: ٧٢]؛ وصلةُ الرحم صلتها الكبرى وهي ما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} إلى قوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} [النساء: ١] فيدخل في الحديث معنى التعظيم لأمر الله، والشفقة على خلق الله، وكأنهما اكتنفا جنبي الإسلام الذي هو الصراط المستقيم، وقطري الإيمان والدين القويم» (٣) فلا يجوزُ الصراطَ إلا من صَلَح عملُه، ونجا بفضل من الله ورحمته.

[القنطرة بعد الصراط]

فإذا نجا المؤمنون من أهوال هذا الصراط -ولا يجوزه إلا المؤمنون-؛ حُبِسُوا بعد ذلك في قَنْطَرَةٍ بين الجنة والنار.

وهذه القنطرة خاصة لمسلك المؤمنين إلى الجنة يقفون عندها فيقتص لبعضهم من بعض، ويُهَذَّبُون ويُنَقَّوْن قبل أن يدخلوا الجنة.


(١) المرجع السابق (١١/ ٤٥٩)
(٢) «الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي» (٤/ ١٢٠٣) وانظر: فتح الباري (١١/ ٤٥٣)
(٣) «شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن» (١١/ ٣٥٢٥) وانظر: فتح الباري (١١/ ٤٥٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>