للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسابُ عن كل شيء:

يسأل الإنسان في موقف الحساب عن كلِّ ما عَمِلَ من خير ومن شر، فإن خيرًا كان خيرًا، وإن شرًّا كان شرًّا، إلا أن يعفو اللهُ -عز وجل- عن عباده يوم القيامة. قال ربنا سبحانه: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ (٥٠) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (٥١)} [إبراهيم].

كلُّ أمة جاثية للحساب:

وتأمل هذا المشهد الذي يصوِّرُه اللهُ -عز وجل- يوم القيامة للحساب، يقول -جل وعلا-: {وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً} [الجاثية: ٢٨]، فمِنْ شِدَّة الهول تجثوا الأممُ على الرُّكَب عندما يُدعَى الناسُ للحساب لعِظَمِ ما يشاهدون ولعِظَم ما هم فيه واقعون.

[حساب المؤمن]

ويجعل الله -جل وعلا- حسابَ المؤمن حسابًا يسيرًا، فقد سُئِلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن الحساب اليسير، فقال -صلى الله عليه وسلم-: «هو: العَرْضُ» (١) ومعناه: أن تُعرَض عليه أعمالُه، فيقال له: أتذكر ذنبَ كذا؟ أتذكر ذنبَ كذا؟ ويجعله الله تعالى في كنفه، ويقول له: «سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ» (٢).

[حساب الكافر]

وأما الكفار والفُجَّار فإن الله يحاسبهم وتُوزَن لهم أعمالُهم ويُنادَون على رؤوس الخلائق: {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (١٨)} [هود] ويقولُ ربُّنا سبحانه: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٦٢)} [القصص]. ويقول -جل وعلا-: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥)}


(١) تقدم في المجلس الحادي والعشرين.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٤١) واللفظ له، ومسلم (٢٧٦٨) من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-.

<<  <  ج: ص:  >  >>