للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} [الحديد: ١٩]

والصديقون: هم أعلى الخلق درجة بعد درجة الأنبياء في الدنيا وفي منازل الآخرة.

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ مِنَ الْأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ، لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ، قَالَ: «بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ، وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ» (١).

والإيمان كما عليه أهل السنة والجماعة يزيد وينقص.

والإيمان له حلاوة في القلب إذا وجدها العبد أوجبت له الحياة الطيبة.

ومن أحبَّ الله ورسوله لهج بذكر الله؛ فإنَّ من أحب شيئًا أكثر من ذكره.

ومن أحبَّ الله ورسوله اجتهد في متابعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وقَدَّم متابعته على كل شيء.

[معنى الإيمان]

والعلماء -رحمهم الله- قالوا في بيان حقيقة الإيمان: إن الإيمان: قول، وعمل، واعتقاد، يزيد وينقص. فهو قول باللسان، واعتقاد بالجنان -يعني بالقلب- وعمل بالجوارح والأركان، يزيد بطاعة الرحمن وينقص بالعصيان.

وكان بعض علمائنا يقولون: الإيمان خمس نونات:

الأولى: اعتقاد بالجنان.

والثانية: نطق باللسان.

والثالثة: عمل بالجوارح والأركان.

والرابعة: يزيد بطاعة الرحمن.

والخامسة: وينقص بالعصيان.

فإذا عرفْتَ هذه الكلمات في تفسير الإيمان عرفْتَ أنه اسمٌ جامعٌ لشرائع الإسلام وأصول الإيمان وحقائق الإحسان. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث قال: «الْإِيَمانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ» أو قال: «بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً».

قَالَ أَبُو حَاتِم بن حبان -رحمه الله-: أَشَارَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي هَذَا الْخَبَرِ إِلَى الشيء الذي هو فرض


(١) صحيح البخاري (٣٢٦٥) وصحيح مسلم (٢٨٣١) عَنْ أَبِي سعيد -رضي الله عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>