للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «الْأَمَارَاتُ خَرَزَاتٌ مَنْظُومَاتٌ بِسِلْكٍ، فَإِذَا انْقَطَعَ السِّلْكُ تَبِعَ بَعْضُهُ بَعْضًا» (١) وشاهد آخر عند ابن حبان والطبراني من حديث أبي هريرة مرفوعا «خُرُوجُ الْآيَاتِ بَعْضِهَا عَلَى إِثْرِ بَعْضٍ، يَتَتَابَعْنَ كَمَا تَتَتَابَعُ الْخَرَزُ فِي النِّظَامِ» (٢). يعني: كالعقد من الجوهر إذا خرج منه خرزةٌ تبعها الباقي. لكنه حديث معل (٣).

فحَمَل العلماءُ ما دلت عليه هذه الأحاديث على علامات الساعة الكبرى التي يتبع بعضُها بعضًا. فهذه هي العلامات الكبرى.

[ذكر العلامات الصغرى]

أمَّا العلاماتُ الصغرى فهي علامات كثيرة جاءت بها الأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٨٦٣٩) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ا. هـ وقال الشيخ الألباني في الصحيحة (٤/ ٣٦١): وافقه الذهبي، وهو كما قالا ا. هـ قلت: الصواب أنه ليس على شرط مسلم، فقد رواه الحاكم من طريق مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ. وهو وإن كان رجاله رجال مسلم، إلا أن فيه علة وهي أنَّ حميداً مدلس وقد عنعن وقد احتمل بعض أهل العلم عنعنته كما قال العلائي لأنه يروي عن ثابت عن أنس ما لم يسمعه منه. والصحيح أنه يتوقف فيما رواه معنعنا فإن الواسطة بينه وبين أنس ليس هو ثابتاً البناني فحسب، بل قد تكون الواسطة قتادة، وهو مدلس أيضًا، وقد يكون غيره، كما في مقدمة "الفتح" (ص ٣٩٩) قال الحافظ: (كان يدلس حديث أنس، وكان سمع أكثره من ثابت وغيره من أصحابه عنه) ا. هـ. ولذا فإن البخاري لم يخرج لحميد في صحيحه إلا بما صرح فيه بالسماع، كما في الفتح (١٠/ ٤٩٠). فالإسناد ضعيف، لكن يشهد له حديث عبد الله بن عمرو السابق. ثم إن رواية حماد عن حميد ليست على شرط مسلم. وقد نقل الحافظ في التهذيب عن الحاكم نفسه أنه قال: لم يخرج مسلم لحماد بن سلمة في الأصول إلا من حديثه عن ثابت، وقد خرج له في الشواهد عن طائفة ا. هـ قلت: ويستثنى من ذلك حديث أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه-، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ فَعَرَّسَ بِلَيْلٍ، اضْطَجَعَ عَلَى يَمِينِهِ، وَإِذَا عَرَّسَ قُبَيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ، وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى كَفِّهِ» فقد رواه مسلم (٦٨٣) في الأصول من طريق حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ به.
(٢) أخرجه ابن حبان (٦٨٣٣) والطبراني في الأوسط (٤٢٧١).
(٣) قال الدارقطني في العلل (١٠/ ٣٧) رقم (١٨٣٨) يَرْوِيهِ هِشَامُ بْنُ حسان، وَقَدِ اخْتُلِفَ عَنْهُ، فَرَوَاهُ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَوَهِمَ فِيهِ وَإِنَّمَا رَوَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانٍ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ. ا. هـ قلت: رواه ابن أبي شيبة في المصنف (٧/ ٥٠٧) رقم (٣٧٦١٠) قال: حدثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ: «مَا بَيْنَ أَوَّلِ الْآيَاتِ وَآخِرِهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ تَتَابَعُ كَمَا تَتَابَعُ الْخَرَزُ فِي النِّظَامِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>