للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧)} [النساء] {يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} أي: يتوبون قبل أن تغرغر الروح في الجسد كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» (١)

والله يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٩) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (١٠)} فيريد أن يرجع ليكون من المتصدقين، يريد أن يرجع ليكون من عباد الله الصالحين مصليًا صائمًا بارًّا بوالديه قائمًا بفرائض الله سبحانه. ولكن الله يقول: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (١١)} [المنافقون].

[حياة البرزخ روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار]

وفي البرزخ يكون العذاب أو النعيم، النعيمُ لأولياء الله من المؤمنين الصالحين، والعذابُ لمن كفر أو أشرك وكذلك لبعض عصاة المسلمين. فحياةُ البرزخ إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، -نسأل الله السلامة والعافية-.

وفي صحيح ابن حبان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي قَبْرِهِ لَفِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ، وَيُرْحَبُ لَهُ قَبْرُهُ سَبْعُونَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ أَتَدْرُونَ فِيمَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (١٢٤)} [طه] أَتَدْرُونَ مَا الْمَعِيشَةُ الضَّنْكَةُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «عَذَابُ الْكَافِرِ فِي قَبْرِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ يُسَلَّطَ عَلَيْهِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ تِنِّينًا، أَتَدْرُونَ مَا التِّنِّينُ؟ (تِسْعُونَ) (٢) حَيَّةً، لِكُلِّ حَيَّةٍ سَبْعُ رُءُوسٍ يِلْسَعُونَهُ، وَيَخْدِشُونَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» (٣)


(١) أخرجه أحمد (٦١٦٠)، والترمذي (٣٥٣٧)، وابن ماجه (٤٢٥٣) من حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-.
(٢) الأصل: (سبعون)، والتصحيح من مجمع الزوائد (٣/ ٥٥) برواية أبي يعلى، وتفسير ابن كثير، برواية ابن أبي حاتم والمجمع أيضاً برواية أخرى للبزار. أفاده الألباني في صحيح الترغيب (٣/ ٣٩٣)
(٣) رواه أبو يعلى (٦٦٤٤) وابن حبان (٣١٢٢) وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (٣٥٥٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>