للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسِهِ، فَأَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيَّ، وَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنِ الْأُمَمِ، وَأَنْظُرُ عَنْ شِمَالِي، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، وَأَنْظُرُ مِنْ خَلْفِي، فَأَعْرِفُ أُمَّتِي مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ أُمَّتَكَ مِنْ بَيْنَ الْأُمَمِ، مَا بَيْنَ نُوحٍ إِلَى أُمَّتِكَ، قَالَ: غُرٌّ مُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، وَلَا يَكُونُ مِنَ الْأُمَمِ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، وَأَعْرِفُهُمْ أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ كُتُبَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ، وَأَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ، وَأَعْرِفُهُمْ بِنُورِهِمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَبِأَيْمَانِهِمْ» (١)

[البشارة للمشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة]

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بشّر المشّائين في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة» (٢)

قال المباركفوري -رحمه الله-: «بالنَّور التام»، قال: "الذي يحيط بهم من جميع جهاتهم، أي على الصراط لما قاسوا مشقة المشي في ظلمة الليل جوزوا بنور يضيء لهم ويحيطهم" (٣) وهذا عملٌ يسير على من يسّره الله -عز وجل- عليه.

[أول الناس مرورا على الصراط هذه الأمة]

ثبت في الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ، -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: « … فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ، … » (٤)

[أول الأمة مرورا على الصراط فقراء المهاجرين]

روى الإمام مسلم عن ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: كُنْتُ قَائِمًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فَجَاءَ حِبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ … ثم قال اليهودي: جِئْتُ أَسْأَلُكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيَنْفَعُكَ شَيْءٌ إِنْ حَدَّثْتُكَ؟» قَالَ: أَسْمَعُ بِأُذُنَيَّ، فَنَكَتَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِعُودٍ مَعَهُ، فَقَالَ: «سَلْ» فَقَالَ الْيَهُودِيُّ: أَيْنَ يَكُونُ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ


(١) «الزهد والرقائق - ابن المبارك - ت الأعظمي» (الملحق/ ١١٢) و «المستدرك على الصحيحين للحاكم» (٣٧٨٤)، وصححه الألباني لغيره في «صحيح الترغيب والترهيب» (١/ ١٨٨).
(٢) رواه أبو داود (٥٦١) والترمذي (٢٢١) من حديث بريدة -رضي الله عنه-. ورواه ابن ماجه (٧٨٠، ٧٨١) من حديث سهل بن سعد، وأنس -رضي الله عنهما-؛ وهو في صحيح الترغيب والترهيب (٣١٥).
(٣) تحفة الأحوذي (٢/ ١٣)
(٤) صحيح البخاري (٨٠٦) وصحيح مسلم (١٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>