للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيا أيها العبد المؤمن تذكر هذا الموقف العظيم الذي يُحشَر فيه الناسُ، ومن هول هذا الموقف لا يهتم امرؤ إلا بنفسه.

يُحشَر المؤمنون مكرمين:

وبَيَّن اللهُ -جل وعلا- في كتابه أن أهل التقوى يحشرون مكرَّمين، فقال سبحانه: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥)} [مريم] قال الطبري -رحمه الله-: "يوم نجمع الذين اتقوا في الدنيا فخافوا عقابه، فاجتنبوا لذلك معاصيه، وأدَّوا فرائضه إلى ربهم {وَفْدًا} يعني بالوفد: الركبان" (١). وقال ابن كثير -رحمه الله-: "يحشرهم يوم القيامة وفدًا إليه، والوفد: هم القادمون ركبانا" (٢) فهذا من تكريم الله -عز وجل- للمتقين. إن الواحد منا إذا كُرِّم في الدنيا أمام وزير أو رئيس أو أمام جماعة من الناس يفرح فرحًا عظيمًا، فكيف بهؤلاء الذين يُكرَّمون أمام الخلائق كلهم، منذ أن خلق الله آدم إلى أن تزول هذه الدنيا؟! يُجمَع كلُّ الخلائق ويكرم أهل التقوى، وغيرهم يحشرون في ذلة ومهانة، كما قال: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦)} [مريم].

[صفة حشر المتكبرين]

وقد جاء في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُحْشَرُ المُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ يَغْشَاهُمُ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ» (٣) يعني في صور الرجال من جهة وجوههم وهيئتهم لكنهم أمثال الذر في الصغر والحقارة والذل، يغشاهم الذل من كل مكان. نسأل الله السلامة والعافية

[صفة حشر المجرمين والكافرين]

ويقول الله -جل وعلا-: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا (١٠٢)} [طه]


(١) تفسير الطبري (١٥/ ٦٢٨).
(٢) تفسير ابن كثير (٥/ ٢٦٣).
(٣) سنن الترمذي ت شاكر (٢٤٩٢) ومسند أحمد (١١/ ٢٦٠) رقم (٦٦٧٧) والبخاري في الأدب المفرد (٥٧٧). وقال الترمذي هذا حديث حسن. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (٢٩١١) وقال المنذري: (بُوْلَسُ) بضم الباء الموحدة وسكون الواو وفتح اللام بعدها سين مهملة. و (الخَبَالُ) بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة ا. هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>