للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَقَابِرِ فَدُفِنْتُمْ فِيهَا؛ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ، أَخْبَرَ عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ أَلْهَاهُمُ التَّكَاثُرُ، أَنَّهُمْ سَيَعْلَمُونَ مَا يَلْقَوْنَ إِذَا هُمْ زَارُوا الْقُبُورَ وَعِيدًا مِنْهُ لَهُمْ وَتَهَدُّدًا. ا. هـ (١)

[الأدلة من السنة]

قال ابن القيم -رحمه الله-: الأحاديث في عذاب القبر تكاد تبلغ حد التواتر ا. هـ (٢)

وقال ابن كثير -رحمه الله-: وأحاديث عذاب القبر كثيرة جدا. اهـ (٣)

وقال ابن أبي العز -رحمه الله-: وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي ثُبُوتِ عَذَابِ الْقَبْرِ وَنَعِيمِه لِمَنْ كَانَ لِذَلِكَ أَهْلًا، وَسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ، فَيَجِبُ اعْتِقَادُ ثُبُوتِ ذَلِكَ وَالْإِيمَانُ بِهِ، وَلَا يَتَكَلَّمُ فِي كَيْفِيَّتِه، إِذْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ وُقُوفٌ عَلَى كَيْفِيَّتِه، لِكَوْنِه لَا عَهْدَ لَهُ بِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ، وَالشَّرْعُ لَا يَأْتِي بِمَا تُحِيلُه الْعُقُولُ، وَلَكِنَّه قَدْ يَأْتِي بِمَا تَحَارُ فِيهِ الْعُقُولُ. فَإِنَّ عَوْدَ الرُّوحِ إِلَى الْجَسَدِ لَيْسَ عَلَى الْوَجْه الْمَعْهُودِ فِي الدُّنْيَا، بَلْ تُعَادُ الرُّوحُ إِلَيْهِ إِعَادَة غَيْرَ الْإِعَادَة الْمَأْلُوفَة فِي الدُّنْيَا ا. هـ (٤)

ومن أدلة السنة في إثبات عذاب القبر ونعيمه ما يلي:

١ - حديث البراء بن عازب وشواهده المتقدمة.

٢ - وكذلك الحديثُ المشهورُ حديثُ عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» متفق عليه (٥).

وفي رواية لمسلم وابن ماجه: «وَكَانَ الْآخَرُ لَا يَسْتَنْزِهُ عَنِ الْبَوْلِ - أَوْ مِنَ الْبَوْلِ -» (٦)


(١) تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (٢٤/ ٦٠٠)
(٢) مفتاح دار السعادة ط عالم الفوائد (١/ ١١٨).
(٣) تفسير ابن كثير ت سلامة (٧/ ١٤٧).
(٤) شرح الطحاوية ت الأرناؤوط (٢/ ٥٧٨)
(٥) رواه البخاري (٢١٨)، ومسلم (٢٩٢)، والترمذي (٧٠)
(٦) رواه مسلم (٢٩٢)، وأبو داود (٢٠) النسائي (٣١) وابن ماجه (٣٤٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>