للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي المستدرك عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنه-، {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] قَالَ: «الصِّرَاطُ عَلَى جَهَنَّمَ مِثْلُ حَدِّ السَّيْفِ فَتَمُرُّ الطَّائِفَةُ الْأُولَى كَالْبَرْقِ، وَالثَّانِيَةُ كَالرِّيحِ، وَالثَّالِثَةُ كَأَجْوَدِ الْخَيْلِ، وَالرَّابِعَةُ كَأَجْوَدِ الْإِبِلِ وَالْبَهَائِمِ، ثُمَّ يَمُرُّونَ وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: رَبِّ سَلِّمْ سَلِّمْ» (١)

[المشركون يقعون في النار قبل الصراط]

قال الحافظ زين الدين عبد الرحمن ابن رجب -رحمه الله-: فأما المشركون فإنهم لا يمرون على الصراط إنما يقعون في النار قبل وضع الصراط ا. هـ ودليل ذلك ما تقدم في المجلس الثالث والثلاثين في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن الله يجمع الناس يوم القيامة، فيقول: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الشَّمْسَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الْقَمَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَتَّبِعُ الطَّوَاغِيتَ، وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا، … فذكر الحديث … قال فَيَدْعُوهُمْ فَيُضْرَبُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَجُوزُ مِنَ الرُّسُلِ بِأُمَّتِهِ … » (٢)

وفي حديث أبي سعيد « … إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ لِيَتَّبِعْ كُلُّ أُمَّةٍ مَا كَانَتْ تَعْبُدُ. فَلَا يَبْقَى أَحَدٌ كَانَ يَعْبُدُ غَيْرَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَنْصَابِ إِلاَّ يَتَسَاقَطُونَ في النَّارِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ إِلاَّ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ مِنْ بَرٍّ وَفَاجِرٍ وَغُبَّرِ أَهْلِ الْكِتَابِ … فذكر الحديث وفيه: ثُمَّ يُضْرَبُ الْجِسْرُ عَلَى جَهَنَّمَ … » (٣)

قال ابن رجب -رحمه الله-: فهذا الحديث صريح في أن كل من أظهر عبادة شيء سوى الله، كالمسيح وعزير من أهل الكتاب، فإنه يلحق بالمشركين في الوقوع في النار قبل نصب الصراط، إلا أن عباد الأصنام والشمس والقمر وغير ذلك من المشركين تتبع كل فرقة منهم ما كانت تعبد في الدنيا، فترد النار مع معبودها أولاً، … ولا يبقى بعد ذلك إلا من كان يعبد الله وحده في الظاهر، سواء كان صادقاً أو منافقاً من هذه الأمة وغيرها، ثم


(١) المستدرك على الصحيحين للحاكم (٣٤٢٣) أخرجه من طريق عَمْرُو بْنُ طَلْحَةَ الْقَنَّادُ، أَبنا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، به ورجاله ثقات، وقال الحاكم: «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ» ا. هـ وفيه نظر: فإن البخاري لم يخرج لعمرو وهو ابن حماد بن طلحة.
(٢) أخرجه البخاري (٨٠٦)، ومسلم (١٨٢).
(٣) أخرجه البخاري (٧٤٣٩)، ومسلم (١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>