للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ اللَّهَ يَصْنَعُ كُلَّ صَانِعٍ وَصَنْعَتَهُ» (١).

وقال إبراهيم -عليها السلام- لقومه: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (٩٦)} [الصافات]. فكل شيء كتبه الله وقدَّره وشاءه وخلقه، لا يخرج شيء عن ذلك.

فهذه المراتب الأربع إذا فهمها الإنسان فَهِمَ معنى الإيمان بالقضاء والقدر.

ولا يصح إيمان أحد بالقدر ما لم يؤمن بها، ومن أنكر واحدة منها فهو خارج عن مذهب أهل السنة والجماعة.

[ترك الخوض والجدال في القدر]

ومما نبَّهَ العلماء عليه أنه لا يجوز للإنسان الخوضُ والجدال والنقاش العقيم في هذا الباب. لماذا؟ لأن باب الإيمان بالقضاء والقدر بابٌ غيبي؛ فلا ينبغي للمسلم أن يخوض فيه بلا علم؛ ولهذا اشتهر عن كثير من السلف أنهم قالوا: "القَدَرُ سِرُّ اللهِ المَكْتُوم" وروي حديثا ولا يصح (٢)

قال الإمام الطحاوي -رحمه الله- في العقيدة: وَأَصْلُ الْقَدَرِ سِرُّ اللَّهِ تَعَالَى فِي خَلْقِهِ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلَا نَبِيٌّ مُرْسَلٌ وَالتَّعَمُّقُ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةُ الْخِذْلَانِ وَسُلَّمُ


(١) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص: ٤٦) والبيهقي في الأسماء والصفات (ص: ٧٤) رقم [٣٧] عن حذيفة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه ابن عدي في الكامل (٩/ ١٣)، من حديث عائشة -رضي الله عنها- مرفوعاً، والخطيب البغدادي في تاريخه (٣/ ٦٧١/ ط بشار) عن أنس -رضي الله عنه- وهو موضوع؛ ورواه ابن حبان في المجروحين (ترجمة الهيثم بن جماز) وأبو نعيم في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٦/ ١٨٢) واللالكائي (١١٢٢) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعاً، وفيه الهيثم بن جماز - وتحرف في سند اللالكائي إلى ابن جميل-، وابن جماز متروك الحديث، وانظر: ضعيف الجامع برقم (٤١٣١) ورواه البيهقي في مناقب الشافعي (١/ ٤١٦) عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- موقوفا. بسند ضعيف. وله طريق أخرى عن علي -رضي الله عنه- عند الآجري في الشريعة (٤٢٢، ٥٤٧) وسنده ضعيف جدا. ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١٠/ ٢٦٠) رقم (١٠٦٠٦) عن ابن عباس -رضي الله عنه- وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (٧/ ٢٠٠): رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ أَبُو يَحْيَى الْقَتَّاتُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةٍ وَضَعَّفَهُ فِي غَيْرِهَا، وَمُصْعَبُ بْنُ سَوَّارٍ لَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ ا. هـ قلت مصعب بن سوار صوابه: سوار بن مصعب كما في الإبانة الكبرى لابن بطة (٤/ ٣١٤) رقم (١٩٩٤) وتاريخ دمشق لابن عساكر (٤٠/ ٣٢٩) وهو واهٍ كما في الميزان. وقد ذكر الدارقطني في سننه (١/ ٣١٣) أن عبد الله بن رجاء -الراوي عنه- يقلب اسمه ويسميه مصعب بن سوار.

<<  <  ج: ص:  >  >>