فَاعْبُدُونِ} ولهذا لو قيل لك: ما معنى لا إله إلا الله؟ فالجواب الصحيح أنَّ معناها: لا معبود بحق إلا الله.
[الخطأ في تفسير كلمة التوحيد]
ومن الناس من يقول:"لا إله إلا الله" ويفسرها بأنه: لا خالق إلا الله، أو لا مدبر إلا الله، أو لا موجود إلا الله، وهذا كله غير صحيح. فإن دعوة الأنبياء قائمة على: إثبات العبادة لله ونفي استحقاق العبادة عما سوى الله كما في الآية السابقة: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦] فالله تعالى ابتعث الرسل بهاتين الكلمتين: {اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}. ففي قوله:{اعْبُدُوا اللَّهَ} إثبات، وفي قوله:{وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} نفي، وهذا هو معنى التوحيد المشتمل على إثبات ونفي، والنفي فيه اجتناب الطاغوت ونفي الشرك، والإثبات فيه: إثبات العبادة لله وحده دون ما سواه.
[فضل كلمة التوحيد]
وإنما معنى هذه الكلمة العظيمة التي دعا إليها جميع الأنبياء: لا معبود بحق إلا الله -سبحانه وتعالى-؛ ولهذا جاء في القرآن الإشادة بهذا التوحيد.
[كلمة التوحيد هي العروة الوثقى]
فكلمة التوحيد: هي العروة الوثقى التي ذكرها الله -سبحانه وتعالى- في قوله: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٥٦)} [البقرة]. وقال تعالى: {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢)} [لقمان]. قال سعيد بن جبير قوله:{فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ} هي لا إله إلا الله" (١).
(١) رواه الطبري (٥٨٧٦) قال: حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا أبو أحمد؛ ورواه الطبراني في الدعاء: (١٥٦٦) حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي، حَدَّثَنَا وكيع؛ كلاهما (أبو أحمد، ووكيع) قالا: حدثنا سفيان، عن أبي السوداء، عن جعفر يعني ابن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير به. وإسناده صحيح. ورواه الطبري (٥٨٧٧) قال: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي السوداء النهدي، عن سعيد بن جبير. فأسقط من سنده جعفر بن أبي المغيرة. ورواه في (٢٨٣٧٧) - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي السوداء، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. وابن وكيع ضعيف. ورواه الطبراني في الدعاء (١٥٦٧) قال: حَدَّثَنَا ابن أبي مريم، حَدَّثَنَا الفريابي، حَدَّثَنَا قيس بن الربيع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير. وسنده ضعيف.